لاشك أن الصحف المطبوعة بدأت تواجه مجموعة من التحديات العنيفة، وهذه التحديات أثرت على هذه الصحف بشكل كبير، وذلك إن لم تكن هذه الصحف مبنية على أسس متينة وقوة في نفس الوقت، وسأحاول تسليط الضوء على هذه التحديات التي تواجه الصحف، وأولها الأزمة المالية العالمية، وثانيها الصحف الرقمية والإنترنت والمواقع المختلفة «الفيس بوك» و«تويتر»، وثالثها انتقال المعلن من الإعلان في الصحف الورقية إلى الإنترنت والإعلان فيه.
أما الأزمة المالية العالمية فكان تأثيرها طاغيا جدا على الصحف الورقية، حيث انه مع بداية الأزمة المالية العالمية بدأنا نسمع عن إغلاق بعض الصحف الورقية، حيث ان التقارير كانت تشير قبل الأزمة الى نمو الصحف وتقدمها، وكانت الكويت خير مثال على ذلك، بل كان يشار إليها بالبنان في رواج الصحف المطبوعة، ففي الكويت وحدها تم إطلاق 10 صحف يومية جديدة، وما ان بدأت الأزمة بدأ مسلسل إغلاق الصحف، حيث كانت البداية مع جريدة «الصوت» التي توقفت بعد 4 أشهر من الصدور، ثم جريدة «أوان»، وقبل أيام قليلة انضمت «الرؤية» إلى الركب، وأعتقد ان هناك المزيد من الصحف التي ستودع قراءها وقد يكون ذلك في القريب العاجل، والكويت ليست وحدها التي أغلقت بعض الصحف الورقية فيها، حيث ان هناك دولا عربية ودّعت الصحف فيها قراءها، ففي اليمن تم إيقاف 6 صحف يومية وواحدة أسبوعية، وفي تونس احتجبت 3 صحف عن الصدور، وفي لبنان تم تسريح مجموعة كبيرة من الصحافيين في إحدى الصحف، وفي البحرين طال التوقف صحيفة «الوقت»، بالإضافة للعديد من الدول العربية، وقد تكون هناك أسباب أخرى لتوقف هذه الصحف عن الصدور.
أما السبب الثاني لتوقف الصحف فهو الصحف الرقمية، حيث ان تكلفة الصحيفة بسيطة جدا، ولا تحتاج إلى مكان وحيز كبير، وقد يقوم الموظفون بالعمل من منازلهم، فالإنترنت أصبح الملاذ للعديد من المستخدمين، حيث ان هناك مواقع هائلة وضخمة داخل هذا الجهاز الصغير، وتتمتع الصحف الالكترونية بمرونة كبيرة وبصورة أكبر من الصحف المطبوعة، وستحيل الصحافة الرقمية المصادر والصحف التقليدية إلى التقاعد وذلك بناء على دراسة نشرت في مجلة «علاقات»، كما أن مستخدمي موقع «الفيس بوك» تجاوز عددهم نصف مليار مستخدم، فمن الطبيعي ان يغير المعلن نظرته ويتجه إلى الوسائل الأكثر فاعلية.
والسبب الثالث هو انتقال المعلن إلى الإعلان في وسائل مثل الإنترنت، حيث ذكر أحد التقارير أن الإنفاق الإعلاني بالإنترنت في المنطقة العربية سيصل إلى أكثر من 250 مليون دولار في السنوات الـ 5 المقبلة، والرقم الحالي هو 45 مليون دولار، كما أن نادي دبي للصحافة تحدث عن هذا الموضوع، ويرى ان الإعلان بالإنترنت سيرتفع خلال السنوات المقبلة.
أعتقد ان هذه مجموعة من الأسباب التي أثرت على الصحف الورقية، وجعلتها تودّع قراءها، ومن أراد البقاء من الصحف اليومية فيجب أن تكون لديه مرونة كافية للتحرك، وابتكار طرق جديدة لكسب القراء، وعلى مختلف الوسائل، وأعتقد ان المصداقية ستكون العنصر الأساسي في العملية، كما يجب معرفة حاجة ومتطلبات القراء وتلبيتها لهم بصورة قريبة منهم وبعمق، ودون أدنى شك فإن البقاء سيكون للأقوى فنيا.
[email protected]