الأسرة هي النواة الأولى في تكوين وتنشئة الأبناء، فإذا كانت التنشئة سليمة سوية أثر ذلك على نفسية الأبناء بلا شك والعكس صحيح، كما أنه يجب توفير البيئة النفسية المناسبة للأطفال حتى ينشأ نشأة طبيعية سوية سليمة، وهي لا تقل أهمية عن الحاجات الأخرى المهمة والضرورية المختلفة، لأن وجود الأبناء في البيت مع عدم توفير بيئة نفسية مناسبة بلا شك سيؤثر ذلك على مستقبلهم تأثيرا سلبيا.
في دراسة وجدتها في الإنترنت تخص أحد المعاهد النفسية في أميركا حيث كانت لأكثر من 100 أسرة أميركية تضم أطفالا تتفاوت أعمارهم ما بين ثلاثة وخمسة أعوام، تبين أن هناك دلائل على وجود علاقة بين شخصية الطفل المشاكس والذي يتحرك كثيرا والمتمرد وبين الأم كثيرة الغضب.
إن العلاقة الأسرية هي علاقة حميمية بين الزوجين والأبناء معا، الأم تعطي العطف والحنان للبنات، والأب تجاه الأبناء، وهي أدوار تكاملية تبادلية.
ولكن في حالة تقصير أحد الطرفين بمهامهما فإن ذلك سيترتب عليه آثار على الأبناء والتفكك الأسري وغياب القيم وروح التسامح، خاصة في هذا العصر، عصر التكنولوجيا والتقدم، وما نشاهده في هذه الأيام من مشاكل على الأبناء من ظهور بعض الصور والمشاهد الشاذة نتيجة طبيعية لفقدان العاطفة والحوار الفعال الجاد من الآباء تجاه الأبناء وعدم معرفية متطلباتهم واحتياجاتهم المختلفة، مما يجعل الابن يبحث عن إشباع هذه العاطفة في الخارج، وهنا تكمن المشكلة والخطورة. كما تجد أطفالا دون سن المراهقة يذهبون مع السائق دون حسيب أو رقيب، حيث تجد الأب لاهيا غافلا في جهاز «الآيفون» إذا دخل المنزل، وإذا خرج لا يعود إلا في وقت متأخر بعد أن يجلس بالساعات بالدواوين التي لا هم لها إلا القيل والقال، أما الأم فحدث ولا حرج، فهي مشغولة بحفلات الاستقبال وآخر أخبار الموضة، والاهتمام بالمظهر الخارجي مع إهمال للجوهر الداخلي، ما تلبسه يساوي آلاف الدنانير، ولكن النفسية تحمل كل الأخلاق السيئة من البغض والحقد والحسد وإعمال الفكر للانتصار من الند والخصم.
إن الأبناء أمانة في عنق الآباء، وسيسألنا الله تعالى عنهم، وفي حالة التقصير في تربيتهم سيظهر لدينا آباء وأمهات مع وقف التنفيذ وهم كثر في هذا الزمان مع الأسف الشديد.
akandary@