عبدالعزيز الكندري
يبدو أن تركيا لا تتوقف عن ابهارنا، فها هي المسلسلات التركية المدبلجة تصبح حديث المجالس، فبعد مسلسلات نور وسنوات الضياع وميرنا وخليل ويبقى الحب، وما كان لهذه المسلسلات من أثر كبير على المشاهد العربي، بحيث تجد متابعة لهذه المسلسلات من مختلف الفئات العمرية، مما أدى الى الإقبال منقطع النظير على السياحة التركية، بحيث انك لا تجد اي تذكرة في فصل الصيف للذهاب الى تركيا إن لم تكن قد حجزت قبل عدة أشهر، ومع اني من غير المتابعين لهذا النوع من المسلسلات لكني ما إن أذهب الى أحد الأماكن أجد الحديث عن هذا النوع من الدراما.
وها هي تركيا تبهرنا مرة اخرى بديبلوماسيتها على المستويين العربي والإسلامي، أما الدور الإسلامي فما حدث من مشادة كلامية في مؤتمر دافوس بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإسرائيلي خير مثال على ذلك، وكان مما قاله أردوغان في الجلسة «أشعر بالحزن حين يصفق الناس لما قلته لأن عددا كبيرا من الناس قد قتلوا»، وكان ذلك بعد ان انتهى الرئيس بيريس من إلقاء كلمته، وقد قال أردوغان قبل ان يغادر الجلسة «أظن انني لن أعود الى دافوس مجددا لأنكم لا تسمحون لي بالكلام، الرئيس بيريس تحدث 25 دقيقة ولم أحصل على نصف هذا الوقت» وقد وجه أردوغان كلامه لبيريس وقال: «حين يتعلق الأمر بالقتل أنتم تعرفون كيف تقتلون».
أما عن دورها العربي، فها هي تركيا تتطوع للوساطة ولحل الخلاف السوري ـ العراقي، وبعد ان تفجر الوضع بين البلدين، وأعلنت تركيا عن شراكتها الاستراتيجية مع سورية، وقد قال الرئيس السوري بشار الأسد «الاتفاق الاستراتيجي بوابة المستقبل، وأنا متمسك بالدور التركي كوسيط تثق فيه سورية في عملية السلام» وقال أردوغان «بقدر ما تكون سورية قوية تكون تركيا قوية، وما يجمعنا مصير مشترك»، ودخلت تركيا كوسيط في أكثر المشاكل التي تحصل في العالم العربي، ولكن من الظلم لتركيا لومها على عدم حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي وفي وقت معين ولقضية ممتدة لعشرات السنين، وها هي الخارجية التركية تحاول التدخل لحل موضوع الأزمة اللبنانية، وتركيا التي تحاول الدخول في الاتحاد الأوروبي فعلاقتها جيدة مع الأوروبيين، وتدخلاتها لحل مشاكل الشرق الأوسط واضحة للعيان مما أكسبها علاقة طيبة مع دول الشرق الأوسط، وكل هذه المواقف تصب لصالح الدور التركي والديبلوماسية التركية.
اعتقد ان تركيا تعيش «عصرها الذهبي» فأصبحت لاعبا وشريكا أساسيا في المنطقة وعلى حد سواء المنطقة الشرق أوسطية وغيرها من الدول، وأجبرت الآخرين على أخذ رأيها حتى في أبسط المسائل، ويقول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان «ان تركيا لم تعد تلك الدولة التي تكتفي باستنفاد طاقاتها وجهودها في الداخل وحسب بل هي أخذت مكانتها في قلب لعبة التوازنات حيث لا يمكن إعداد الخطط والاستراتيجيات دون الأخذ بعين الاعتبار الدور والمكانة التركية»، ولا يخفى على احد دور وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو صاحب نظرية إصلاح العلاقة مع دول الجوار وبناء شراكة استراتيجية معها، وكان مما قاله الوزير «ان تحمل تركيا هموم المنطقة ومشكلاتها وألا تكون بعيدة عنها وهو ضروري حتما، لكنه احتياج بالدرجة الأولى».
[email protected]