قد يبدو هذا العنوان غريبا، لكنه واقع أليم بدأت تظهر نتائجه في جميع أنحاء العالم.
قبل يومين شاهدت تقريرا في bbc من إحدى الجامعات البريطانية، يقول إن عدد البشر الذين تزيد أوزانهم عن معدل أعمارهم وصل إلى 2 مليار شخص، وهؤلاء ليس أغلبهم كما نتصور في الدول الغنية، ولكن المؤلم أن أغلب هؤلاء يعيشون في دول حديثة الغنى وغالبهم في منطقة آسيا.
فعلا إنها فاجعة، وأنها مصيبة كبيرة يجب أن نفكر فيها، فالسمنة كما نعرفها هي أم الأمراض، ونسمع دائما عن المجاعات في الدول الآسيوية.
ولكن ظاهرة السمنة قد بدأت تنافس المجاعات، وبقدر ما يوجد أناس لا يحصلون على طعامهم اليومي نجد أن هناك عددا مماثلا ممن تصيبهم التخمة التي تؤدي إلى السمنة.
إن هذه الظاهرة بطبيعة الحال هي قمة التناقض، ونحن في دول الخليج بالذات أكثر الدول التي تشتكي منذ مدة من داء السمنة، وأتذكر عندما كنت في اميركا ما بين عام 1965 و 1966، انني قمت بدراسة بسيطة أقارن فيها الهنود الحمر الذين يعيشون على ما يسمى بالأراضي الخاصة لهم (المحجوزة لهم)، يعيشون على نمط من الحياة يشابه نمط حياتنا، حيث ان أغلبهم يؤجر هذه الأراضي للمستثمرين الأميركيين العاديين الذين يقومون بزراعتها، لأن أغلبها أراض زراعية ومنتجة تدر عليهم مبالغ طائلة يتكرم المستثمر عليهم بمبلغ زهيد نظير ما يحصل عليه من إيجار لهذه الأرض.
ونتيجة لذلك فإن هؤلاء الهنود الحمر أصحاب هذه الأراضي الذين يعيشون في مختلف مناطق الولايات المتحدة، أنماط حياتهم متشابهة ومتمثلة بكسل عام بين جميع أفراد المجتمع، إذ إن أغلبهم يقوم باستئجار السود للقيام بالأعمال اليومية في بيوتهم، ويعيش صاحبنا الهندي الأحمر كـ«معزب رقم 1» أي إقطاعي رقم (1) «لا شغل ولا مشغلة»، ولكنه يكتفي بما يدخل إليه من مبالغ طائلة من أراضي يملكها ويستغلها غيره، صور مطابقة لحياة الكثير في منطقتنا خاصة في دول الخليج، فأغلبنا يحصل على تراخيص تجارية يؤجرها للغريب الذي يدفع لنا إيجارا معقولا، وهذه التراخيص تدر عليه الآلاف، ويظل الكويتي أو الخليجي منشغلا في ترف الحياة، خاصة أن الدولة تعرض عليه مبالغ تغنيه حتى عن العمل المنتج، وتدفع له رواتب مغرية لا تشجعه على مزاولة العمل الحر الذي يدر عليه أضعاف ما يحصل عليه من الأسلوب الذي تعود عليه.
وهكذا تترهل الأجساد وتنتشر السمنة بين الأهالي وخاصة المواطنين، وتترتب على ذلك أمراض السمنة لدرجة أن هناك شائعة تقول: «إذا ما معك سكر أنت مو كويتي»، هذا مثل واحد من أمثال السمنة وأمراضها.
فهل نستطيع يا ترى أن نوقف هذا المد العاصف الذي يعصف بحياة الملايين في الدول حديثة النمو والذين قد تعودوا على (الربادة) والعيش الرغيد دون التفكير في الغد وكأن الحياة كلها قد توقفت على هذا النمط الكسول القاتل لكل طموحات الإنسان.
حرام علينا أن نستمر على هذا الحال، خاصة أن الأمر قد أصبح قضية عالمية تحتاج إلى الوقوف لحظة للتفكير في هذه العادة السيئة إذا بقينا مستمرين عليها ونحن نحفر قبورنا بأسناننا ونسينا أننا أتباع رسول عظيم قال لنا حديثه المعروف عن الأكل: «بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه»، فأين نحن من هذا الحديث؟ ولو اتبعنا تعاليم ديننا السليم لكنا خير أمة أخرجت للناس، كما أراد الله لنا.
نرجو من الله الهداية والعمل الصالح بما يفيدنا ويفيد أمتنا ويبعدنا عن كل شيء يضرنا، والله على ما أقول شهيد، وكان الله في عوننا.