عبدالرحمن العوضي
اختلفت الاقاويل وكثُر الكلام عن وزارة الكهرباء، فعندما يأتي فصل الصيف نعيش على اعصابنا رغم ان اكثر من نصف بيوت الكويتيين والاجانب تخلو بسبب الهجرة الصيفية الى لبنان وسورية والبلاد الاوروبية واميركا واستراليا، واصبحت دول شرق آسيا اماكن مفضلة لقضاء فصل الصيف هروبا من لهيب الحر والخوف من انقطاع الكهرباء.
هذه الظاهرة الغريبة اصبحت اكثر حدة في السنوات الخمس الاخيرة في استمرار الحاجة لتوفير الطاقة الكهربائية اللازمة رغم اننا بلد النفط، ولكن النفط وحده لا يكفي بل يجب ان نحسن استغلاله، والغريب انه في السنتين الاخيرتين زاد اللغط برأينا، ولقد وجدنا في آخر تقرير لديوان المحاسبة خطأ فنيا في شراء المولدات في عام 2007 والتي كانت يجب ان تعمل هذا العام.
وأستغرب فعلا انه بعد 50 سنة خبرة في انتاج الكهرباء تحصل اخطاء فنية لا تغتفر، فكيف نستورد مولدات لا تنطبق عليها المواصفات المتبعة في وزارة الكهرباء، فهل معقول ان يحدث هذا؟ وهذا الكلام بناء على اقاويل من بعض المسؤولين في وزارة الكهرباء ويعزز هذا الاحتمال تقرير ديوان المحاسبة الذي اكد وجود اخطاء فنية في شراء المولدات، بل اكثر من ذلك انها مولدات مستعملة.
حرام ان تلعبوا بأعصابنا بهذه الصورة في حين ان الخطط في وزارة الكهرباء كانت لعشرين سنة قادمة على الاقل، واذكر ان الاخ يوسف الغانم رحمه الله عندما كان وزيرا للكهرباء تقدم لمجلس الوزراء في الثمانينيات من القرن الماضي بخطة لعشرين سنة تنتهي في 2005، وكان من المفروض ان تجدد هذه الخطة كل خمس سنوات وان تكون لدينا الاحمال الكافية للتوسع السكاني وخاصة اننا بدأنا نبني مدنا جديدة في اماكن متفرقة.
لابد من وجود خطة واضحة المعالم، خاصة ان التخطيط لاحتياجات البلاد من الكهرباء سهل جدا والعوامل التي تحدد الخطة بسيطة تحتاج فقط ان نحدد اي خطة سابقة لتوفير الاحمال الجديدة مع التوسع في شبكات الايصال الى مناطق العمران الجديدة، وانا على يقين من أن الاخوة الفنيين في وزارة الكهرباء وهم من الكويتيين المخلصين لديهم الكفاءة لوضع مثل هذه الخطط، ولكن المزايدات السياسية هي التي تحد من طموحاتهم.
واذكر ان احتياطيات الكهرباء كانت تصل الى 50%، حيث ان ارتفاع الاحمال ساعتين في شهري يونيو ويوليو من وقت الظهيرة يحتاج لهذا الاحتياط وذلك بجانب الايقاف المبرمج لفترات الصيانة اللازمة لهذه المولدات.
بعد كل هذه الامكانيات من وزارة الكهرباء يأتي علينا اليوم الذي لا نعرف ان نضع المواصفات الفنية لاحتياجاتنا من المولدات او التوربينات الغازية، وانا اشك ان ذلك ليس بمقدور الفنيين في وزارة الكهرباء بس لو تخلصوا من المداخلات السياسية والمنفعية.
والله حرام عليكم يا مسؤولين ما تصرفه الدولة عليكم، اذا كان كلام ديوان المحاسبة صحيحا، مع انني اسمع اخيرا ان الديوان يقوم بمراجعة هذه التقرير، الامر الذي يدل على وجود وجهات نظر مختلفة في ديوان المحاسبة، وهذا يدعوني الى مناشدة الاخ عبدالعزيز العدساني رئيس الديوان أن يؤكد على الديوان ان يتولى دوره الرقابي بصورة مدروسة، ولا يكون سببا في تأخير المشاريع الحساسة في الدولة اذا كانت منفذة حسب القوانين المتبعة، واذا تأكد تقرير الديوان ان وزارة الكهرباء ارتكبت مثل هذه الاخطاء فهؤلاء المسؤولون يستحقون الاحالة للنيابة لاتخاذ اللازم ضدهم.
فامكانياتنا الفنية وخبراتنا الطويلة تجعلنا قادرين ليس فقط على توفير الكهرباء لسد احتياجاتنا بل تصدير الكهرباء الفائضة الى الدول المجاورة.
حقا نعيش في بلد العجائب، وكل يوم نسمع عن عجب اغرب من اليوم الذي قبله، فحرام ان يكون هذا البلد على هذا النحو وحرام على السياسيين واصحاب المصالح ان يكونوا سببا في احراج ابنائنا الفنيين المخلصين العاملين في وزارة الكهرباء، ارحموهم يا ناس واتركوهم يعملون من اجل الكويت وتوفير ما نحتاج اليه من كهرباء.