عبدالوهاب الفهيد
كنت في زيارة في أول أيام العيد المبارك لبعض الديوانيات، فالتقيت بالعم أبوانور يوسف ناصر اللهو، وقد اهداني كتابه الأول وهو عبارة عن قصص وحكايات من التراث الكويتي القديم لخصها من كتاب «حكايات من الكويت» للشيخ عبدالله النوري - رحمه الله تعالى - ونشرها على حلقات في مجلة «العالمية» التابعة للهيئة الخيرية الاسلامية العالمية بعنوان «ولكم فيما سبقكم عظة وعبرة» ثم جمعتها المجلة ونشرتها ككتاب، لقيمة ما فيه وما يتضمنه من حكايات مؤثرة فيها الكثير من العظة والعبرة، وفيه من معدن الكويتيين الطيب، كعادات وتقاليد والتمسك بالدين والخلق والعزة والأنفة والتواضع والوفاء والمحبة والتعاون، والسؤدد والشرف الذي يتمثل بأهل الكويت وحكامهم وتجارهم وعموم أهلها.
وقد اعجبني نهج وطريقة العم أبوأنور في كتابة هذه القصص، حيث انه اخذ هذه الحكايات من مصدرها ونسبها لصاحبها، وقدم لكل حكاية تقديما مختصرا مناسبا لموضوعها، ثم وضع لكل حكاية عنوانا يركز على ما تحتويه ويعكس ما فيها من مضامين، ومن امثلة هذه العناوين «الجار للجار - رجاحة عقل - عادل حاكم - للثقة بين الناس مكان - النية مطية - الولاية أمانة - حب الوطن من الإيمان - الرجال مخابر» وكل حكاية تدل على معنى خلاق، وخلق رفيع يتخلق به أهل الكويت حكاما وشعبا، ثم ختم كل حكاية بخاتمة تليق بما حملته من معان وآثار، فعندما تقرأ تلك الحكايات يمر عبقها في مخيلتك، وكأنها صور تتحرك وتتراءى بشخوصها ورسومها واحداثها وعقدها، فما ان تقرأ حكاية وتنتهي منها حتى تبدأ بما يليها، خاصة ان الكتاب زود بالصور النادرة من تراث الكويت القديم.
وكل قصة او حكاية تستوقفك بموقف أخلاقي عظيم ينم عن مقدار هذا البلد وأهله ومن عاش فيه، فترى السخاء، ومكارم الأخلاق، والرجولة والشهامة، فقد تمثل فيها الخلق الحميد.
وهذه الحكايات ما هي الا امتداد لتراثنا العربي الأصيل، ولما يدعو اليه ديننا الحنيف، بل ان هذه الحكايات والقصص تعتبر تأصيلا لما نجده اليوم في مجتمعنا الكويتي في عطائه ونشر الخير فيه ونفع الناس، واعمال البر والخير، واغاثة الملهوف، ومد يد العون للفقراء والمساكين والمحتاجين، حتى انشئت جمعيات للنفع العام، ومبرات الخير، ولجان الزكاة والصدقات، والوقفيات، واسست الدولة بدورها «بيت الزكاة» لتنظيم عملية صرف الزكاة والصدقات لمستحقيها وكذلك قامت وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية بإنشاء «الأمانة العامة للأوقاف» حيث نظمت وفعلت الأموال الوقفية حتى انعكس دورها على المجتمع الكويتي في جميع انشطته.
وقد حفظ الله الكويت وشعبها من طمع اعدائها بسبب هذه الاعمال التي امتدت الى خارج البلد لتصل الى كل محتاج في الوطن العربي والاسلامي، فكما جاء بالأثر «صنائع المعروف تقي مصارع السوء».
فجزى الله العم أبوأنور على اتحافنا بهذا السفر الجميل، فالكتاب جدير بأن يقرأ وينتشر بين شبابنا حتى يعرفوا تراثهم وتاريخهم ويتعلموا منه.
واخيرا: أتمنى على العم أبوانور أن يتحفنا بحكايات من خبراته الشخصية وخبرات الآخرين من رجالات أهل الكويت، خاصة انه من جيل المخضرمين.