من سنوات عدة تسابق الباحثون السياسيون والخبراء والمتابعون للشؤون الخليجية لنقاش وتحليل تداعيات انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي، وكان سياق التحليل والحديث حول هذا الشأن يؤكد أن اليمن ستستفيد اقتصاديا وربما سياسيا بصورة أكبر من دول الخليج العربية، لاسيما أن اليمن الأضعف اقتصاديا ويختلف عن دول الخليج من ناحية هيكلية الحكم إذ نظامه السياسي جمهوري بعكس دول الخليج، ويبقى رفض دول الخليج لانضمام اليمن أمرا في دائرة المصالح، بالرغم من القرب الجغرافي وتقاسمه الجزيرة العربية مع بقية دول الخليج من الناحية الجنوبية، فاليمن لم يكن أبدا جانبا استراتيجيا مهما لدول الخليج ووجوده بالمجلس قد يعرقل ويؤخر الخطط والاستراتيجيات التنموية والسياسية الخاصة بدول الخليج.
واليوم ومن دون سابق مقدمات، يعلن قادة دول الخليج العربية ترحيبهم بانضمام المملكة الأردنية الهاشمية ومملكة المغرب لمجلس التعاون الخليجي. واللافت للنظر أن قيام مجلس التعاون الخليجي آنذاك جاء تحت ظروف التهديدات الايرانية للمنطقة بعد الثورة الخمينية، واليوم يوسع من دول أعضائه ويخرج من دائرته الجغرافية – خصوصا المغرب – تحت نفس الظروف ومع استمرار التدخلات الايرانية في منطقة الخليج، وربما الأوضاع في البحرين هي ما دفعت قادة دول الخليج للتفكير بصورة مغايرة والبحث عن أبعاد استراتيجية مهمة تقوي من عمل المجلس وتعزز من مكانته في الهيكل الدولي.
قد يكون البعد الأمني والعسكري هو الأهم في فكرة انضمام المغرب والأردن لمجلس التعاون الخليجي، ناهيك عن استمرار ضمور الدور العربي خاصة عبر جامعة الدول العربية لاسيما أن الثورات العربية المتتالية والمشاكل الواقعة في كل من سورية والسودان وليبيا ولبنان وفلسطين ستزيد من تراخي الدور العربي لقضايا الخليج، وهو ما شكل دافعا كبيرا لقادة الخليج لتعزيز مكانة مجلس التعاون من جميع النواحي وخصوصا من الناحية الأمنية التي هي في أمس الحاجة إليها في الظروف الراهنة بالرغم من الاتفاقيات الأمنية لغالبية أعضائه مع كبرى دول العالم.
ان الوضع الراهن في الشرق الأوسط عموما، وفي منطقة الجزيرة العربية تحديدا يدفع الى الحاجة للمضي قدما نحو تعزيز المكانة السياسية والأمنية عبر كافة السبل، وانضمام الأردن والمغرب يشكل استراتيجية جديدة لشكل وعمل مجلس التعاون ويوصل رسالة للجميع أن مجلس التعاون مستعد وبصورة جادة للاستمرار في خططه التنموية، كما هو الحال في البحث عن استقرار أمني وتعزيز دفاعي يضمن بقاء مجلس التعاون الخليجي ويحفظ سيادة دوله حتى وإن كان عبر انضمام دول لا تشترك مع دول الخليج من الجانب الجغرافي.
يبقى السؤال حول آثار هذا الخبر على الجامعة العربية، وما هو تأثيره على دور الجامعة في حل قضايا ومشاكل العالم العربي خصوصا ما تمر به معظم الدول العربية من مصاعب وأزمات، حيث ان الجامعة العربية فشلت كثيرا في حل أزمات سابقة ووجودها يعتبر شكليا في معظم الأحيان، ناهيك عن وجود عراقيل سياسية وادارية واقتصادية تحتاج لجملة من الاصلاحات التي لن تأتي في القريب العاجل.
وبالتالي، فمن حق دول الخليج أن تعزز من تجمعها الذي يخطو خطوات كبيرة من الناحية الاقتصادية والسياسية بصورة لا تعطل من عمل الجامعة خصوصا أن قطر قد تسابقت مع مصر على منصب أمين الجامعة والذي فازت به الأخيرة مؤخرا. وعليه، فدول الخليج ليست بمعزل عن قضايا العالم العربي ولاسيما أنها أظهرت في عديد من المشاهد سعيها لحل مشكلاته على كافة الصعد. إن انضمام الأردن والمغرب لمجلس التعاون الخليجي وتوسيع دائرة أعضائه لن يؤثر بطبيعة الحال على عمل الجامعة العربية ولن يكون بديلا عنها خصوصا أن الدول العربية سبق أن شكلت تحالفات ومجالس سابقة في عمر الجامعة العربية.
[email protected]