بقلم: الفريق أول أحمد الرجيب
انبهرت المجتمعات المعاصرة بوسائل التواصل الاجتماعي، الفيسبوك، والواتساب، والتويتر، التي قربت المسافات، ونشرت الأفكار، وفتحت الحدود بين الثقافات، وككل الاختراعات كان لتلك الوسائل ايجابياتها وسلبياتها، وهنا لابد من أن نشير الى أن تلك الإيجابيات والسلبيات تختلف من مجتمع إلى آخر، بل هي تختلف من عالم الى آخر، ففي المجتمعات المتقدمة تطغى إيجابيات تلك الوسائل على سلبياتها، وفي مجتمعات العالم الثالث فإنها تعاني اشد المعاناة مما جلبته الممارسة الخاطئة والسلبية لتلك الوسائل من ويلات ومشاكل اجتماعيه وسياسيه لا تعد ولا تحصى. ولننظر ما خلفته الممارسة السلبية لوسيلة الاجتماعي الأهم وأعني بها «التويتر» في المجتمع الكويتي.
لم ينبهر المجتمع الكويتي بالتويتر والواتساب كما هو الحال في بقية المجتمعات، بل هو فتن بها، وتعلق بها تعلق الأم بولدها، بل أكاد أقول ان المجتمع برجاله ونسائه وشبابه وصباياه، كادوا أن يصبحوا مدمنين على كلا الوسيلتين، فقط انظر اليهم في تجمعاتهم العائلية والخاصة وفي المقاهي وفي السيارات، تراهم صامتين، خافضين رؤوسهم منكبين على هواتفهم ينقرون عليها بأصابعهم، يتواصلون مع الطرف الآخر، ويكادون أن ينقطعوا تماما عمن حولهم أو معهم، هذه هي الصورة الواضحة اليوم في كل بيوت وتجمعات المجتمع الكويتي، ومع هذا فليس ذلك هو بيت القصيد، إنما بيت القصيد هو «التويتر» ذلك الفيروس الذي انتشر في المجتمع الكويتي، نعم أكاد اجزم انه هو فيروس خطير وهو داء ليس له دواء، كيف لا وهو الذي مزق النسيج الاجتماعي، وأوجد شرخا عميقا في الوحدة الوطنية، وبسببه تقسمت الكويت والكويتيون بين فرجان وقبائل وطوائف، وارتفعت من خلاله نعرة الانتماءات الاجتماعية، وانتشرت من خلاله وبسببه ثقافة الشتم والسب والذم والتحقير، والمعاير، وظهرت من خلاله زعامات ورقيه وعنتريات هلامية، وكثير ممن هم مدمنون على التويتر يصنفون انفسهم سياسيين، وان تواضعوا يدعون أنهم نشطاء سياسيين ومااااااااا اكثرهم، ومااااا اجهل كثيرا منهم.
وخلاصة القول ان فيروس التويتر والذي سلب الألباب وتمكن من النفوس، وانتشر في المجتمع انتشار النار في الهشيم، هو داء ليس له دواء، مست فيه اعراض، وخروج فج على الاعراف والتقاليد، وبسببه عبئت نفوس المواطنين أبناء الكويت ضد بعضهم البعض، ومن خلاله أعليت مكانة العنصرية والطائفية، ومن خلاله تجاسر الكثيرون على القانون، وبسببه تكاثرت وتكدست القضايا في المحاكم بأعداد غير مسبوقة.
وبعد ذلك كله، أما زال هناك من يعتقد أن التويتر في الكويت هو وسيلة تواصل اجتماعي؟ أم هو وسيلة تمزق اجتماعي كما هو الواقع؟
وهل هناك من مازال يعتقد أن مخترع هذه الوسيلة (اي التويتر)، والذي أطلقها مجانا ومن دون أي مقابل يريد خيرا من ورائها؟ أم هو أطلقها لتحقيق مصالحه في العالم الثالث، وفي عالمنا العربي على وجه الخصوص، الذي تعد شعوبه أكبر المفتونين والمتأثرين بها، وها هي بعض الشعوب العربية التي فتنت بالتويتر واستغلته كسلاح إعلامي ووسيلة من وسائل التشهير ونشر الإشاعات والفتن ضد مكوناتها وشرائحها الاجتماعية، تعاني من الويلات والمآسي، ناهيك عن تفاقم وتعقد المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية بها، ونحن في الكويت ليس بعيدين عن ذلك؟
وبعد، ماذا نحن فاعلون امام استشراء هذا الداء؟ أو لنقل دون مواربة أمام هذا الوباء الذي يعاني منه الوطن؟ هل نكتفي بأن نقول حسبي الله على ماما أميركا التي نشرت هذا الفيروس في مجتمعاتنا عامدة متعمدة أم من الواجب الوطني والضرورة الاجتماعية أن تتكاتف كل الجهود ومن جميع المؤسسات حكومية وغير حكومية لإطلاق حملة ومشروع توعوي شامل ومستمر، وطني وديني وأخلاقي وثقافي وقانوني، لتبيان خطورة فيروس التويتر الذي بدأ ينهش في جسد المجتمع الكويتي؟
لنفكر ولنتكاتف جميعا لنرى كيف نحول هذا التويتر من معول هدم الى أداة بناء، فهل نحن فاعلون؟