مرت الأيام وكأنها لا تتحرك، غاب الجسد وبقيت في القلب والعقل الذكريات، رحمك الله يا أبي ما غيبك عني الممات. خمسون يوما ونيف مرت علي بعد رحيلك دهورا، أراك في كل موقف وكل حين وفي كل مكان. فقد كنت يا أبي السند الذي بعد الله وليس عنه من عوض، وكنت النور الذي يضيء طريق حياتي، حتى أظلمت طرقاتي فجأة وبلا سابق إنذار. غادرتنا جسدا وبقيت فينا معنى جميلا وكلمة طيبة وحسن خلق وتربية، لا نزكيك على الله، ونسأله جل شأنه أن يجعلك من أهل النعيم المقيم. رحمك الله رحمة واسعة يا أبي، وإلى روحك الطيبة أنثر هذي الكلمات:
أبي وسندي وطريقي إلى الله
أخذك الموت وبت وحيدا
برحيلك قلبي شل وضعف
ومعك حبيبي كنت حديدا
سمع الليل الطويل أنيني
وأنيني ليس نحيبا وانينا
أنيني من القلب نابع مستسلما
لمكتوب كان وربي الأليما
يا ربي فوضت مصابي اليك
فذكراه أمست حملا ثقيلا
أينما أتوجه أنظر اليه
حتى صار جسدي هزيلا
أذاب فراقه والشوق شبابي
والقلب أبى إلا أن يكون عليلا
فيا نفس كفى حزنا
فلن أتذكر منه إلا جميلا
فلن أتذكر توبيخه وتربيتي
تاريخ عشق لم يكن طويلا
حبي له بأمر من الاله
الذي له عزا وتبجيلا
هو الذي خلق أبي لأحبه
فأخذه اليه ليشكلني تشكيلا
ويعلمني أن الاجتماع فراق
وسنة الله لن تجد لها تبديلا