الفيلسوفة الكبرى
تريد أن تصبح غنيا؟ ما عليك إلا ان تضع بسطتك أمام احدى الوزارات أو المجمعات أو أي مكان يناسبك في الديرة، ورسم تعابير المسكنة والبؤس لتلين لك قلوب البشر، وخلال نصف ساعة تكون بضاعتك قد طارت ودنانيرك في جيبك زادت، وهكذا افعل كل يوم وخلال شهر واحد ستكون أحد الأثرياء، وان داهمتك فرق التفتيش والداخلية ما عليك إلا اطلاق ساقيك للريح والهروب منها، وان كنت «مقرودا» وقادك حظك العاثر لقبضتهم ما عليك إلا الاتصال بأحد أعضاء مجلس الأمة لتبيت في منزلك وبسطتك معاك.
وإذا كنت موظفة بأي وزارة فما عليك الا الترويج لبضاعتك بين الموظفات والموظفين، فقط قولي مستورد، واحضرته معي خلال سفرتي الأخيرة وستجنين أرباحا هائلة وخلال أسبوع بضاعتك خالصة ودنانيرك بالبنك خايسة.
التجارة في بلادنا حرة، والرقابة على الأسعار شبه معدومة، والتجار في بلادنا لا حسيب ولا رقيب، كل يدلو بدلوه، وكل يزايد على الآخر، والمستهلك «المواطن والمقيم» المغلوب على أمره مضطر للشراء، خصوصا رمضان مقبل، وموسم الأعياد والمدارس على الأبواب.
«وغصبن» على المستهلك يشتري، لأنه محتاج لتلبية احتياجاته اليومية والحياتية.
فهل يعقل يا سادة يا كرام شنطة مدرسية لطالب بالصف الأول الابتدائي تتجاوز الـ 9 دنانير، والصناعة رديئة، وحين تبحث عن بديلتها في الأسواق تجد الأسعار في تصاعد مستمر فتضطر للرضوخ والعودة لنفس الدنانير الـ 9.
بالله عليكم لو افترضنا، ولي أمر لديه 5 أطفال في مراحل دراسية مختلفة، كم يحتاج لكي يجهزهم للمدارس اذا كانت الشنط ذات النوعية الرديئة تكلفه 45 دينارا.
وكم يكفيهم كمصروف يومي وكل شيء مولع في بلادنا، هل يكفيهم نصف دينار في اليوم؟ ناهيك عن بقية الطلبات والاحتياجات من السلع الاستهلاكية، كل جمعية ومركز تجاري يقول «الزود عندي»، وبما ان رمضان بدأ العد التنازلي لاستقباله، فالكل مضطر للشراء خصوصا خيال الصائم طوال النهار تداعبه أطباق الإفطار الشهي المنوع.
جيوب ذوي الدخل المحدود، والمعدوم، والمقرود، أشهرت إفلاسها باكرا والتكسب من هذه الجيوب حرام، حرام، حرام.
الرحمة في شهر الرحمة وغيره من الشهور مطلوبة، فارحموا المواطن والمقيم، وكفاية غلاء، فالأسعار نار، الطقس نار، وكل شيء في بلاد الخير ما ان تلمسه حتى يصبح نارا.
وانتم ايها المستهلكون الأعزاء، لديكم طريقتان للربح والكسب أشرت اليهما في بداية المقال، فاختاروا ما تشاءون منهما فلا الـ 120 ولا الـ 50 ولا 1000 دينار تستطيع أن تقف وتصمد في وجه سعير الغلاء والتجار.