بدأت هيمنة النفط على إنتاج الطاقة في العالم إثر النجاح الذي حققه الاسطول البريطاني بعد أن حول تشغيل سفنه الحربية قبيل الحرب العالمية الاولى من الاعتماد على الفحم الى البترول فتفوقت بذلك في سرعاتها على الاسطول الألماني، عقب هذا النجاح أنشأت بريطانيا في إيران أول شركة لاستخراج النفط وتسويقه على العالم المنبهر بتفوقها تحولت لاحقا الى شركة BP العملاقة.
جاءت توقعات كل من الخبراء النفطيون وخبراء الاقتصاد والصندوق الدولي وهيئة الطاقة الدولية لتؤكد بلوغ النفط لما يسمى بذروته Oil Peak في موعد قدر ما بين العام 2025 والعام 2040، عند نقطة الذروة هذه يتناقص إنتاج النفط ولا يعود لسابق عهده لاستنزاف مخزونه وتنخفض أسعاره تدريجيا في البداية ثم تنهار سريعا لتحول العالم عنه لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة لحماية الكوكب من المزيد من مخاطر اختلال درجة حرارته وبلوغها 2 درجة مئوية.
على الصعيد المحلي ستكون النتائج بالغة الخطورة على البلاد - فمعظم الدول النفطية استعدت لهذا الحدث المتوقع منذ بدايات انتاجها للنفط - بالتنمية الشاملة وتنويع مصادر دخلها وخفض اعتمادها على النفط تدريجيا والمثال الأفضل، لذلك هو ما تقوم به النرويج منذ تسعينيات القرن الماضي، وخليجيا قطعت السعودية والإمارات شوطا طويلا في هذا المجال وبقيت الكويت دون أية استعدادات ذات قيمة، فهي لاتزال عاجزة عن تبني مشروع جاد للتنمية الشاملة والفساد ينخر بها من كل جانب وهي غير مهتمة بإيجاد بدائل لدخلها المقتصر تقريبا على بيع النفط ومنها الصناعات التحويلية والمتوقع استمرار الطلب العالمي عليها، ويذكر ان سعر برميل النفط المصنع يعادل أضعاف سعره كنفط مسال والحاجة لمنتجاته دائمة، ولقد اهتمت السعودية بهذا البديل ونجحت فيه، أما الإمارات فقد نجحت في تبني السياحة والاقتصاد المعرفي مقتدية بسنغافورة (الدولة غير النفطية) التي أنشأت مدينة بريس بولس للبحث العلمي والابتكار، وكلا البديلين يسيرا التنفيذ وسريعا المردود، وكان ولايزال بإمكان الكويت كإجراء سريع لحماية دخلها أن تقوم بتطوير صندوقها السيادي بالاستعانة بخبرات النرويج والصين وأن تفعل الاتفاقية الصينية والتي هي احتياج امني استراتيجي مع قرب خروج الحليفة أميركا من المنطقة ولما للاتفاقية من مردود مالي ضخم يتجاوز الـ 400 مليار دولار، فضلا على المساهمة الصينية في تطوير ميناء مبارك الشمالي العملاق والجزر والمنطقة الشمالية للبلاد وهي مشاريع تنموية عملاقة ستضيف كما كبيرا من الوظائف الدائمة التي تحتاجها الدولة وتدعم اقتصادها.
ان على مؤسسة النفط العودة باستثماراتها النفطية الصناعية الكبرى من الخارج الى الكويت والتوقف عن البحث عن موقع لبناء المصفاة الجديدة المزمع إنشاؤها، فبناء المصافي يوفر وظائف دائمة ويخلق خبرات متراكمة ويأتي بعوائد مضمونة وان تأخرت قليلا، ولقد فشلت محطة التكرير التي تمتلك الكويت اكثر من ثلثها في فيتنام ولاتزال تحقق خسائر فادحة ولن يكون مصير محطة التكرير الجاري بناؤها في الأردن افضل حالا منها فالأردن يفتقر للخبرة اللازمة في المجال النفطي لكونه من غير منتجيه.
[email protected]