ما إن تم الإعلان عن نتيجة التصويت على «عدم التعاون» في جلسة الأربعاء الماضي والتي جاءت متوافقة مع أغلب التوقعات حتى بادر بعض النواب المستجوبين إلى التصريح ملوحين باستمرار نهج المساءلة والنزول إلى الشارع وتقديم الاستجوابات حتى يتحقق الهدف ويتم إسقاط حكومة سمو الرئيس «بشيمة ولا بجيمة».
وهذه ليست إشارات وإنما واقع تم الإعلان عنه بشكل واضح وعلى ما يبدو انه مدروس أيضا وليقيني بأن أي دعوة من أجل التهدئة والالتفات لمصالح الوطن العليا من خلال عدم إثارة الشارع لن تلقى صداها، خصوصا عند من اتخذ قراره سلفا ويمضي حاليا باتجاه تحقيق أهدافه التي يراها مشروعة ومستحقة، فإنني أتوجه إلى كتلة العمل الوطني بشكر تستحقه وان اختلفنا معها في بعض القناعات وذلك بسبب انضباطها والتزامها بالممارسة الديموقراطية الراقية والرشيدة، فإعلان الكتلة عدم نزولها للشارع ما هو إلا تأكيد على أن الكتلة ملتزمة بالأطر والقنوات الدستورية من خلال استخدامها لأدوات المساءلة السياسية ضمن النطاق والآلية التي حددها الدستور وقناعتها بأن خياراتها في إيصال مواقفها وقناعاتها للشارع متاحة ومتعددة دون الحاجة لتعبئته وشحنه، وهذا لا يلغي حق الشارع في بيانه لآرائه، ولكن على ما يبدو أن المسألة ستتعدى بكثير مجرد إبداء رأي أو تسجيل موقف وهذا ما يحسب للتكتل أنه استدركه في اللحظات الأخيرة.
فدعونا نتصور المشهد القادم على ضوء تصريحات بعض النواب وما ستحمله من صورة ثلاثية الأبعاد، البعد الأول فيها هو إسقاط الحكومة الحالية بأي ثمن.
والثاني ان إسقاط هذه الحكومة سيكون عبر إرادة الشارع الذي سيشرع بإسقاطها والتي نحتاج تفسير لطبيعة الأدوات التي سيستخدمها الشارع لإسقاط الحكومة، أما البعد الثالث فهو الدفع باتجاه توجيه قناعات القواعد الشعبية باتجاه حجب الثقة عن بعض النواب وذلك من خلال فلسفة الحصار التي رأينا تطبيقات عملية لها والتي تهدف إلى تغيير تركيبة المجلس القادم بهدف تقوية شوكة وكسر أخرى، وبالتالي سيكون الهدف النهائي للأبعاد الثلاثة هو صورة شديدة الوضوح تبين أن الشعب هو وقود الخصومة وهذا حتما سيقودنا إلى المجهول، فبعد كل ذلك يحق لنا أن نكون قلقين مما هو قادم رغم حاجتنا للتفاؤل، والله يستر علينا.
[email protected]