«الله يستر علينا» كان عنوانا لأحد مقالاتي في نوفمبر الماضي تناولت فيه مستوى الانحدار الذي وصل إليه أسلوب التخاطب بين بعض النواب في مجلس الامة على خلفية شتم النواب بعضهم بعضا حيث خلصت فيه الى نتيجة واحدة وهي أن سلوكيات التعامل وتدني لغة التخاطب بين النواب يعطيان مؤشرات واضحة على أنه لم يعد هناك قاع ينحدرون باتجاهه، الأمر الذي سيدفعهم عاجلا ام آجلا إلى السقوط الحر والذي سيتجاوزون من خلاله جميع الموانع والقيم المتوارثة وللأسف هذا بالضبط ما أثبته الفيلم الهندي ذو الانتاج الرديء الذي تابعنا أحد مشاهده في قاعة عبدالله السالم يوم الأربعاء الماضي، حيث تأكد أن بعض نوابنا الكرام ساهموا قولا وفعلا في تشويه صورة الممارسة الديموقراطية وأفضل من يسوق لها بما يضرها ويقلل من قدرها. الحقيقة التي يستعصي فهمها على الكثير من نواب الأمة هي أنهم واهمون في تقدير حجم ثقتهم بأنفسهم من خلال هذا «الشو الماصخ»، حيث إنهم يعتقدون أن بمقدور كل منهم أن يجير مثل هذه الأحداث لمصلحته والتي تعزز تثبيتهم لمشروع الاصطفاف الذي يسعون إلى زيادة رصيد شعبيتهم من خلاله، وأنا هنا لا أنكر أهم نجحوا جزئيا وكسبوا جولة في أنهم استطاعوا وبكل اقتدار صرف المجتمع عن الاهتمام بأولوياته عبر جذبه للاهتمام الواسع بتحليل هذا النوع من الأحداث والتعليق عليها ونقاشها في الدواوين والمنتديات والعمل والذي أدى بدوره إلى انشغال المجتمع عن محاسبتهم على أدائهم الباهت وغير المقنع. إلا أن الحقيقة ولله الحمد مازال يعيها البعض العاقل والتي يؤكدها تناقض وتضارب أقوال وأفعال بعض نوابنا وادعاء كل طرف منهم احترامه لعقيدة الآخر. ولنكن أكثر تحديدا ونسمي الأمور، لأننا نلاحظ دائما إصرار أحد النواب الشيعة وآخرين وفي كل مناسبة على استخدام كلمة «التكفيريين» مع تأكيده على احترامه الكامل لإخوانه السنة، وفي المقابل نلاحظ إصرار أحد النواب السنة وآخرين على أن الخطر الإيراني (شيعي) مع تأكيده احترامه الكامل لإخوانه الشيعة. وما يحمله الإصراران من تناقض وإسقاطات كارثية على وحدة المجتمع ومشروع التعايش الحقيقي بين مكوناته، إثبات بالصوت والصورة على حقيقة التناقض بين ما يعلن وما يقصد، وأنا هنا لا أسطح الأمر وألغي حالة الطائفية البغيضة من قائمة معضلاتنا الاجتماعية والسياسية، إلا أنني وبناء على هذه المعطيات والأفلام الجديدة أؤكد، وبكل ثقة، أن الأقنعة سقطت واللعب أصبح على المكشوف وأننا مقبلون على ما هو اسوأ من «موقعة الأربعاء» إذا استسلمنا كمجتمع لما يروج له الطرفان وهذه هي الحقيقة.. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.
[email protected]