مثلما ينساب الماء من بين أصابعنا، كذلك الأيام والشهور والسنوات من أجندة حياتنا، وأجمل مرحلة تمر بالإنسان كما نعرف هي مرحلة الشباب، ولكن للأسف الشديد أقولها بحرقة بالغة، ان أغلب الشباب لا يعي مقدار النعمة التي بين أيديهم، والمرحلة الجميلة التي يعيشونها، والتي قد تمضي سريعا من العمر من دون الشعور بأهميتها البالغة التي تعم النفس والمجتمع والعالم أجمع، فشاب واحد متقد بالنشاط والحيوية والذكاء بإمكانه أن يغير مفهوما كاملا أو يضيف فكرا جديدا، أو يغير من اعتقاد قديم، أو يبتكر شيئا جديدا على ساحة العالم، لأنه عرف فقط أن ما يذهب لا يمكن أن يعود، وأن انشغال أغلب الشباب بتوافه الأمور وقتل الوقت فيما لا ينفع، وانغماسهم في الهموم والأحلام والأوهام والملذات الوقتية، التي شكلتها للأسف القنوات الفضائية في العقل الباطن لكل مشاهد، هي المشكلة التي يجب أن يتجاوزها جيل الشباب الحالي.
فإذا نظرنا من ناحية أخرى، نجد أننا نواجه في هذا الزمن منافسة شديدة على التغيير والتجديد والنجاح، في جميع مجالات الحياة، فمن منا لا يريد أن يصل إلى العالمية بمنتج مفيد أو علم جديد، أو نشاط مذهل، كلنا نتمنى أن نجد أسماءنا قد اقتحمت طوابير المنافسة ففزنا بمجهودنا الخاص، وسجلنا أسماءنا في لوحة الناجحين أمام العالم أجمع، ولكن ما هي النقاط الأساسية التي نرتكز عليها فتجعلنا نقدر أهمية وجودنا في الحياة والنعمة التي بين يدينا؟ فإذا عرفنا أن الساعة لا ترجع للوراء، وأن الفرص لا تتكرر، والذي لا نقتنصه الآن لا يمكن أن يعود، فذلك كله سيدفعنا إلى التركيز والاهتمام والمبادرة والسعي وراء النجاح.
لذا يجب أن نضع مبادئ سامية وأهدافا راسخة، نسعى إليها حثيثا، دون النظر للمتخاذلين وأبواق المتشائمين والمنهزمين والحاسدين، وعلينا أن نكون نحن المبادرين ونبث في نفوسنا وفي نفوس شبابنا روح الإقدام، فالوقوف في نفس المكان يعني هزيمة، والحياة عندما تتجمد عند أي إنسان في نفس النقطة، لن تكون سوى علامة موت ولكن بصورة أخرى.
وشبابنا هو أملنا بعد الله سبحانه، في تغيير لوحة التاريخ المنسية بأسمائهم وعقولهم ونجاحاتهم، ورفع مكانة البلد الذي كان ومازال ملاذا للأمان والاستقرار، ألا يستحق الوطن أن نضيئه ولو بشمعة من بين كفينا؟
بلى يستحق وأكثر.. ولكن من يكون أول المبادرين الآن؟
[email protected]