د.بدر نادر الخضري
قصة وصلتني عبر الإيميل انقلها اليكم كما هي دون تدخل في مفرداتها ومعانيها وما تحويه من الحكم والمواعظ الحياتية التي فقدناها في الوقت الحاضر.
توقف القطار في احدى المحطات في مدينة بوسطن الأميركية وخرج منه زوجان يرتديان ملابس بسيطة. كانت الزوجة تتشح بثوب من القطن، بينما يرتدي الزوج بزة متواضعة صنعها بيديه، وبخطوات خجلة ووئيدة توجه الزوجان مباشرة الى مكتب رئيس «جامعة هارفارد» ولم يكونا قد حصلا على موعد مسبق. قالت مديرة مكتب رئيس الجامعة للزوجين القرويين: «الرئيس مشغول جدا» ولن يستطيع مقابلتكما قريبا، ولكن سرعان ما جاءها رد السيدة الريفية حيث قالت بثقة: «سننتظره». وظل الزوجان ينتظران لساعات طويلة أهملتهما خلالها السكرتيرة تماما على أمل ان يفقدا الأمل والحماس البادي على وجهيهما وينصرفا، ولكن هيهات، فقد حضر الزوجان ـ فيما يبدو ـ لأمر مهم جدا، ولكن مع انقضاء الوقت، واصرار الزوجين، بدأ غضب السكرتيرة يتصاعد، فقررت مقاطعة رئيسها، ورجته ان يقابلهما لبضع دقائق لعلهما يرحلان.
هز الرئيس رأسه غاضبا وبدت عليه علامات الاستياء، فمن هم في مركزه لا يجدون وقتا لملاقاة ومقابلة الا علية القوم، فضلا عن انه يكره الثياب القطنية الرثة وكل من هم في هيئة الفلاحين، لكنه وافق على رؤيتهما لبضع دقائق لكي يضطرا للرحيل.
عندما دخل الزوجان مكتب الرئيس، قالت له السيدة انه كان لهما ولد درس في «هارفارد» لمدة عام لكنه توفي في حادث، وبما انه كان سعيدا خلال الفترة التي قضاها في هذه الجامعة العريقة، فقد قررا تقديم تبرع للجامعة لتخليد اسم ابنهما.
لم يتأثر الرئيس كثيرا لما قالته السيدة، بل رد بخشونة: سيدتي، لا يمكننا ان نقيم مبنى ونخلد ذكرى كل من درس في «هارفارد» ثم توفي، وإلا تحولت الجامعة الى غابة من المباني والنصب التذكارية.
وهنا ردت السيدة: نحن لا نرغب في وضع تمثال، بل نريد ان نهب مبنى يحمل اسمه لجامعة «هارفارد» لكن هذا الكلام لم يلق أي صدى لدى السيد الرئيس، فرمق بعينين غاضبتين ذلك الثوب القطني والبذلة المتهالكة ورد بسخرية: «هل لديكما فكرة كم يكلف بناء مثل هذا المبنى؟ لقد كلفتنا مباني الجامعة ما يربو على سبعة ملايين ونصف المليون دولار». ساد الصمت لبرهة، ظن خلالها الرئيس ان بامكانه الآن ان يتخلص من الزوجين، وهنا استدارت السيدة وقالت لزوجها: «سيد ستانفورد: ما دامت هذه هي تكلفة انشاء جامعة كاملة فلماذا لا ننشئ جامعة جديدة تحمل اسم ابننا؟» فهز الزوج رأسه موافقا.
غادر الزوجان «ليلند ستانفورد وجين ستانفورد» وسط ذهول وخيبة الرئيس، وسافرا الى كاليفورنيا حيث أسسا جامعة ستانفورد العريقة والتي مازالت تحمل اسم عائلتهما وتخلد ذكرى ابنهما الذي لم يكن يساوي شيئا لرئيس جامعة «هارفارد» وقد حدث هذا عام 1884م. للعلم هذه قصة حقيقية رواها «مالكوم فوربز» ومازالت أسماء عائلة «ستانفورد» منقوشة في ساحات ومباني الجامعة.
التعليق: والمعنى بقلب الشاعر يا حكومتنا الرشيدة.
فاكهة الكلام: حقا كما قيل: «من المهم دائما ان نسمع، واذا سمعنا ان نفهم ونصغي، وسواء سمعنا أم لا، فمن المهم ألا نحكم على الناس من مظهرهم وملابسهم ولكنتهم ولهجتهم وطريقة كلامهم وحديثهم، ومن المهم «ألا نقرأ كتابا أبدا من عنوانه» حتى لو كان ثمنه عام 1884 سبعة ملايين دولار.
[email protected]