دلال مدوه
قد يتخلى الإنسان حينما يكبر عن بعض أو كل القيم والمبادئ والمعتقدات التي تربى عليها، وقد يراوده أحيانا شعور بالذنب لتخليه عنها.
وهناك من تعتريه طوال حياته حالات من الغضب والألم نتيجة شعوره بأن الأفكار التي تشربها منذ نعومة أظفاره كانت السبب في تكبيل عقله بقيود تمنعه من حرية التفكير.
ومن الناس من ولد ثم مات، ولم يكن لديه أصلا اي نوع من القيم أو المبادئ أو المعتقدات التي تبناها وعاش معها، ونحن حينما نستعرض حياتنا، هل فكرنا وتساءلنا! عن الفكرة أو الأفكار التي نعتنقها، وهل ساعدت على نجاحنا في هذه الحياة أم لا؟ ثم هل فكرنا في يوم من الأيام انه قد آن الأوان لنتخلى عن بعض أفكارنا البالية ومعتقداتنا القديمة، ونستبدلها بأخرى جديدة أرقى وأسمى؟
أعجبتني عبارة قرأتها للكاتبة الين سانت جيمس، حيث تقول: اننا نتمسك بمعتقداتنا القديمة لأنها مثل الحذاء القديم مريحة جدا، وذلك يعني اننا نرفض تغييرها لأننا اعتدنا عليها، واطمأنت نفوسنا اليها، فصارت جزءا من تكويننا الذي نخشى أن نفقده، إذن ماذا نفعل وكيف نتخلص من ذلك الخوف الذي يقيدنا، ويشل تفكيرنا، فيبقينا في النفق المظلم، ويمنعنا من الانطلاق نحو بصيص الضوء في نهاية النفق؟
تقول الكاتبة م.ج.ريان في كتابها «هذا العام سوف أقوم»: «هناك 3 أشياء ضرورية لتحقيق أي تغيير سواء كان تغييرا عقليا أو عاطفيا أو بدنيا، وهي الرغبة، والنية، والمثابرة».
اي ان تكون لدينا رغبة حقيقية وفعلية لتغيير أنفسنا، فبدون تلك الرغبة لا يمكننا ان نسير باتجاه هدفنا، فالرغبة الداخلية تعمل كما الشرارة التي تشتعل بداخلنا وتمدنا بالطاقة اللازمة للانطلاق على طريق التغيير ولنتأمل قول الله تعالى: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون ـ الذاريات: 21).
ولن تكون الرغبات وحدها كافية لتحقيق ما نريد، بل يجب ان نتبعها بالنية الحقيقية الصادقة للتغيير، ومن كرم الله علينا انه منحنا سبحانه وتعالى منحة عظيمة ليست لغيرنا وهي انه اعطانا الأجر والثواب الكبير على نياتنا، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): «إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى» متفق عليه.
وإذا نظرنا للتاريخ الإسلامي وجدنا انه حافل بالكثير من الأمثلة الرائعة التي تبين لنا بوضوح ما حققه المثابرون لأنفسهم، ولمجتمعاتهم، ولأمتهم الإسلامية، لذا علينا ونحن نبحر باتجاه أهدافنا ان نضع تلك النماذج العظيمة نصب أعيننا، فنجعلها منارة ترشدنا الى شواطئ النجاح.
أخيرا إن الإنسان في سعيه لتحقيق التغيير الذي يريده قد يواجه بمجموعة من العوائق والعقبات، او يلاقي بعض الإحباطات، أو تنتابه حالة من الضعف والفتور.
لكنه يجب ألا يستسلم ويسقط في الفخ، بل يقف بكل قوة فيحارب تلك المثبطات، ويحاول التغلب عليها بالتوكل على الله، ثم بالعزم والإصرار.
زاوية أخيرة:
يقول المفكر الإسلامي د.عبدالكريم بكار: «نحن بحاجة ماسة الى خلق المتابعة، وخــــلق الاستمرار في الأعمال الإيجابية، فالإنسان كالماء إذا ركد فسد».