شهر رمضان اشتد فيه الصراع، صراع بين دعاة الصلاح وشياطين الإنس، فمردة الجن قد تكفل الله بهم فناب عنهم أذنابهم من الإنس وما أكثرهم هذه الأيام، فكلا الفريقين بذل الجهد والمستطاع في سبيل حصد ضحايا أكثر من الفريق المقابل، فذاك وقف على باب الجنة ينادي، وذاك وقف على باب النار ينادي.
فالفريق الأول وهم الدعاة إلى الله تعالى، يتمثل في ضحاياهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «عجب الله من قوم يدخلون الجنة بالسلاسل»، فالدعاة عبر محاضراتهم الإسلامية ومواعظهم الإيمانية المكثفة في القنوات الإسلامية وغيرها كأنما يسترضون الناس حتى يشغلوا أوقاتهم بالخير من قراءة القرآن والقيام والصدقة، فالشيخ مشاري الخراز ودروسه الإيمانية المشوقة، يا الله، وإطلالات الشيخ طلال فاخر، وبرنامج «البينات» على قناة المجد لنخبة من المفسرين، والحلة المتميزة عموما التي خرجت بها قنوات المعالي والدليل وصفا ووصال وبداية.
أما وزارة الأوقاف فما قصرت في هذا الجانب إطلاقا، فالعاملون فيها كخلية النحل التي لا تتوقف، فجلبت 25 داعية واستضافت 41 قارئا من الخارج، إضافة إلى قرائنا المتقنين الذين تزخر بهم الكويت بحمد الله، كما خصصت 36 مسجدا لمشروع المعتكفات الرمضانية، إضافة إلى انتشار بروشورات مسابقات حفظ القرآن الكريم المتنوعة، كل هذه الأمور والله تثلج صدر قلب المسلم في هذا الشهر الفضيل.
وأما الفريق الثاني وهم سراق رمضان، فيتمثل في ضحاياهم قول الله تعالى على لسان إبليس الرجيم (لأحتنكن ذريته إلا قليلا)، فلا تكاد تشاهد مسلسلا اجتماعيا أو مسلسلا كرتونيا إلا وتكون شخصية الملتحي الأهبل والأهوج حاضرة، وليت الأمر اقتصر على الاستهزاء بشعيرة اللحية والسنة النبوية، بل تعدى الأمر عبر انتشار المسلسلات الإيرانية التي غزت الفضائيات العربية والخليجية التي جسدت شخصيات الأنبياء عليهم السلام، كعيسى ويوسف ويعقوب، ومريم البتول، إضافة إلى الصحابة الكرام كأبي بكر وعمر وخالد بن الوليد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأما المسلسلات الخليجية التجارية والمكررة، فتميزت في هذا الشهر الكريم بالدعوة الصريحة للعلاقات المحرمة، وإعطاء صورة مغلوطة عن مجتمعاتنا المحافظة، وتصوير أن الخيانات الزوجية مستشرية بشدة، وأما الفوازير فأسئلتها لا تزيد المتعلم والمثقف ولا تفيد الجاهل والأمي، فإما أن تكون أسئلة تعجيزية غير نافعة، وإما أن تكون محصورة في الفن العفن، فليس فيها مردود معرفي ولا معلومة جديدة، فهي برامج لأكل أموال الناس وسرقة أوقاتهم.
وفي الختام:
من أي ضحايا الفريقين أنت؟ الإجابة عندك، قال تعالى (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره).
[email protected]