ضاري المطيري
تابعت قبل أيام على قناة «الوطن» برنامج «تحت الظل» الذي ناقش أزمة اللقطاء او الأطفال مجهولي الهوية والوالدين، فكانت تنصب آراء الضيوف على ان اسباب هذه الظاهرة السيئة والمنتشرة بكثرة مؤخرا ترجع الى التأثر بالغرب وتقليده الأعمى وأيضا انتشار بعض الفضائيات التي تهيج الشهوات، ثم أتبعوا حديثهم بالحلول التي مرجعها التدين وطلب الحشمة والحذر من الاختلاط والابتعاد عن الخلوة المحرمة والعمل على سد كل باب يؤدي للوقوع بمثل تلك الخطايا التي لا تنجب لنا الا ولدا حائرا محروما بل منبوذا في كثير من الاحيان، فتصنع منه تلك المآسي والضغوط عنصرا هداما ساخطا على المجتمع الذي تخلى عنه وعمل على عزله من أوساطه.
فتخيلت انه لو كان أحد ضيوف الحلقة ممن يزعجه مثل تلك الحلول المطروحة او العلاجات المقترحة بسبب توجهاته المختلفة، فماذا كان سيقول؟ السؤال هو «ماذا لو كان حاضرا لذلك اللقاء؟» فتصورت حينها رده وليسامحني القارئ الكريم على بعض تلك السخافات التي قد ترد على ألسنة مثل هؤلاء، فقد يكون رده هو بكل بساطة عليهم باستعمال موانع الحمل او بطريقة اخرى آمنة ان يستعمل الواقي، وكلّش كلّش عليه بالعزل حتى لا يجمع بين العقوبتين عقوبة الزنا وعقوبة الحمل، وأظنه سيقول ايضا لا مانع عليهما من اكتشاف بعضهما البعض قبل الزواج لأن الزواج في نظره مشروع كبير جدا جدا يستحيل الخوض فيه دون ان يسبقه اختبار في العلوم الجنسية او التأكد من قدرتهما على الإنجاب.
اما عن رأيه بالعلاج الوقائي الذي يسد ابواب الشهوات والوقوع في المحرمات بمنع الخلطة المحرمة فستكون بعينة كبيرة من الكبائر، وسيجعل من هذا العلاج شماعة وعلاقة على كل من ينادي بمنع الاختلاط بالقاعات الدراسية بأنه يسيء الظن بشباب وبنات الكويت وأنه ينظر اليهم نظرة الصالح الى الفاسق الموغر بالفساد، نظر المتكبر المتعالي عن الخطايا والآثام، ومما سيراه ايضا في هذا العلاج منعا وكبتا للحريات.
وأظنه سيسلك مسلك ابليس في إغوائه وتلبيسه، وسينادي بفتح المجال للفضائيات وعدم محاربة الكتب التي ملئت بالانحرافات والتعديات بدعوى ان الشاب او الشابة يكفيهما الواعز الداخلي من الدين والأخلاق لاختيار الأفضل ونبذ الرديء دون العناية بخلق الجو المعين على الاستقامة، وأخشى أن يمتثل ذلك المثل «هدّه خلّه يتحدّه» ويضعه في غير موضعه، فهو بذلك يضع البنزين بجوار النار ويدع الذئاب تسرح بالغنم.
وقفة لنتأملها، فقد أعطانا الله دينا ونفسا وعقلا وعرضا ومالا لنحافظ عليها ونرعاها، ولا يحق لنا بدعوى حرية الاختيار ان نفرط في احدها او نتهاون في رعايتها، فما بال الكثيرين منا يحفظون الاموال ويختزنونها في الحصون والقلاع خشية السرقة ثم هم لا يبالون بدينهم او عرضهم من الأخطار الخارجية ولا يعملون على تحصينها، اللهم احفظنا بحفظك يا كريم.
لا نريدها شمعة بل على الأقل كلمة
وضعوا شموعا لكتب السحر والجنس وإثارة الفتن ولم نر ولو كلمة استنكار عند منع او سحب كتاب العلامتين ابن باز وابن عثيمين ولو من باب البر بفتاوى سماحتهما في جواز الاستعانة بالقوات الاجنبية لتحرير الكويت من المقبور آنذاك، لكن في الأمر رائحة بل قُل عطبا من الحزبية والطائفية المشينة، لقد رأينا بعض المتحلطمين على كتب ليست بكتب شرعية موثقة او كتب تبحث في علم المادة لمصلحة الإنسانية إنما هي كتب لا تعدو ان تكون أوراقا تخاطب الغرائز وتجسد الشهوات وتؤصل الخرافات في غالبها، فأين كانوا من كتب الشرع والتوحيد عندما منعت؟ أذهلني استنكار احدهم على اعضاء المجلس بقوله: من أعطاهم الوكالة في الدفاع والإنابة عن الشعب الكويتي في اختيار المناسب من غير المناسب؟ يقول هذا في أناس نذروا أنفسهم وأوقاتهم لحماية الأخلاق والنسيج الكويتي الأصيل من كل ما يشوبه من انحرافات، فأجيبه قائلا: لقد نصبتهم الديموقراطية التي دعوتم إليها منذ زمن لنيل بعض المآرب لا حبا أو إيمانا فيها، فلما أنتجت ما تكرهون وصفتموها بالناقصة والظالمة، وصدق رب العزة إذ يقول (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال)، فاللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك.