من أعجب المبررات التي سمعت أو بمعنى أصح المسكنات التي يعمد إليها البعض لتهوين الجرائم، وبوادر الفتن، أن يطالبك بالتعقل والصمت والتزام الأخلاق.. كلام «حلو» لكن في غير موضعه، فمثلا يراد منك ألا تغضب لله وفي الله لما يحدث من تكرار الإساءة لعرض النبي صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهن، بل يجب عليك التزام الأخلاق، لأنها الأهم، تلعن وتسب رموز الإسلام من الصحابة والخلفاء الراشدين في الصحافة وعلى المنابر وفي منتديات الإنترنت بل وتحت قبة البرلمان ثم يراد منك الصمت لأن «الصمت حكمة». أمثال هؤلاء يذكرونني بمن يعجب بأخلاق الكفار الشكلية الظاهرية، ويزعم أن لدى الغرب أخلاقا حميدة ومثلا رفيعة، ويغض الطرف عن أسوأ جريمة أخلاقية عرفتها البشرية، وهي زعمهم أن لله صاحبة وولداً، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا، فعن أي أخلاق يتكلمون إذن؟ لا تسأل. ومثل هؤلاء أيضا من لا يصلي ولا يصوم ويرى أنه خلق هملا وترك سدى بلا غاية، ويقول بعد ذلك الأخلاق هي الأهم، فما هي هذه الأخلاق التي تسمح للإنسان بالعيش بنعم الله العديدة، ويأكل من رزقه الوافر على أرضه الواسعة، ويتمتع بالصحة والعافية التي وهبها إياها دون الآخرين، ثم هو ينام عن الصلاة، ولا يأتمر بأمر الله، ولا ينتهي عن نهيه، فلا يشكر الله، هل يتصور أحد أن من الأخلاق مثلا أن أدخل ديوانك وأكل من مائدتك وأشرب من كأسك ثم أمسح بيدي على حائطك وأخرج دون أن أقول لك أدنى كلمة شكر وامتنان على بعض ما قدمت، فعن أي أخلاق تتحدثون؟
٭ أخيرا: يراد منك في نهاية المطاف أن تنصت إلى من يسب أبوك ويلعنه أمام الجموع الغفيرة، وتحت الأضواء وأمام الكاميرات، دون أن يحرك فيك ساكنا فالأخلاق الأخلاق، إياك أن تنتصر للحق وتذب عن عرض الآخرين ولو كان أقرب قريب، فهل تبقت أخلاق بعد أن يلعن أبوك الشيخ المسن الراقد في العناية الفائقة؟ سبحان الله، إنها دعوة للبلادة وليست دعوة للأخلاق.
[email protected]