ضاري المطيري
الزعم أن الاختلاط يمهد لحسن التعامل مع الجنس الآخر زعم باطل هزيل ولا أقول انه يدل على سوء نية لأن الله هو وحده المطلع على ما في الصدور، ماذا يعنون بالتعامل؟ أيعنون اللغة؟ بمعنى أن لغة النساء لغة إغريقية وكتابتهم مسمارية ومخارج الحروف لديهم تختلف عنا، أم أن النساء مثلا من كوكب آخر غير الأرض؟ هل يقصدون أن نبرة النساء مختلفة عن الرجال؟ لا لا بل أعتقد أن الكثيرات من النساء ذوات أصوات خشنة، أم يريدون إذن كيف نبدأ مع الجنس الآخر بالترحيب وتوزيع الابتسامات والنكت والمزاح وتطييح الكلفة وضياع الإحساس وكما قيل (كثرة المساس تفقد الإحساس).
من الإمكان أن أتقبل زعم البعض أن الاختلاط متحقق في المناسك أو في المسجد لكن من الاستحالة أن أتصور أن هذا الاختلاط سيمهد للتعامل مع الجنس الآخر، حيث ان غض البصر والتستر مأمور به بل ويتأكد في مثل تلك البقع الطاهرة، فالبعض يريد الاستدلال بالاختلاط الطارئ الجائز على الاختلاط المحرم، وخاصة إذا تبين لنا أن النساء لا يذهبن بعلب وأصباغ المكياج وقناني العطور إلى المسجد كما هي الحال للأسف حين يذهبن إلى الجامعات.
أنا أقر بحق امرأتي علي بألا أكلم امرأة أجنبية احتراما لمشاعرها وغيرتها كحال البعض الذي يتغنى بحقوق المرأة السياسية على الفاضي، ولا يعني هذا أني لا أعرف لغة النساء أو أني أخاطبهن بلغة الإشارة بل أخاطبهن بقدر الحاجة وأقتدي بذلك بهدي المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) حين سألته المرأة المخزومية فأجابها وأدار بوجه الفضل بن العباس ( رضي الله عنه ) خشية أن يفتتن بها حيث رأه شابا يافعا، فالخلطة المحرمة شيء والتعامل بحدود المعقول شيء آخر، فالدكتورة سهيلة المطوع معلمة درست على يديها مقررات كثيرة قبل التخرج وبعده، والأخت الفاضلة بيبي المرزوق رئيسة التحرير تحسن الإدارة جيدا وليلى الشافعي زميلة متفانية في عملها ولم أجد صعوبة في ايصال ما أريد باللغة والأدب معهن، ولست مع ذلك مستعدا للحديث مع أي امرأة دون داع أو سبب وجيه.
فكم من بنت محتشمة أكملت دراستها العليا في تخصصات علمية كالهندسة والعلوم، اطلعت على حالهن يظن بهن البعض أنهن باستغراقهن في الدراسة وإدمانهن لها أنهن لن يجدن بأسا في الكلام مع الطلبة الآخرين واسقاط شيء من الكلفة معهن في الحديث، لذلك أعلم أن كثيرات منهن وجدن الحرج من تلقّف بعض الطلبة وخاصة كونه زاملهن في أكثر من مادة، وأضرب مثالا وعينة على ما قصدت ففي إحدى المواد الدراسية التي أخذتها أنا شخصيا في الدراسات العليا في كلية الهندسة كانت هناك طالبة واحدة من أصل خمسة طلاب كلهم من الذكور ومدرس المادة هي الدكتورة القديرة سهيلة المطوع مع ذلك كله كانت الطالبة لا تخاطب ولا تشارك إلا مع الأستاذة ونحن الطلاب نحترم أنفسنا بالتالي فلا تكون لنا علاقة معها مباشرة، وفي النهاية كانت المادة مفيدة لنا وجميعنا حصلنا على تقدير a- سوى تلك الطالبة حيث حصلت على تقدير أعلى وهو a، ما أريد أن أصل إليه في هذه القصة أن الاختلاط الحاصل اختلاط مصطنع متكلف في فرضه لأن الناس بفطرهم وعاداتهم يرفضونه وهذا في الغالب الأعم.
في الختام عندي تساؤل قد تُشم منه رائحة التسلط الذكوري لكن أرجو أن أفهم بالطريقة الصحيحة حيث إنني أنا شخصيا لا استطيع أن أزامل أو اصاحب من هو مغاير لي في الفكر والعقل إلا ما لا بد منه كالزوجة والأم والبنت والأخت، فمن الاستحالة أن تبدّل أهلك وعائلتك أو أن تجد زوجة متوافقة معك 100%، مع هذا استغرب كيف يسعى الرجل إلى مصاحبة امرأة طريقة تفكيرها بالجملة مغايرة جدا للرجل والعكس بالعكس، مثال ذلك هو كيف سيتشاركان هموم تخص جنسا دون الآخر، والله الموفق.