ضاري المطيري
كان الأجدر بمن صاغ الاتهام الباهت ونصب الحكم الجائر على جمعية إحياء التراث الإسلامي، سواء من اللوبي الصهيوني كما يتوقع أو من غيره، أن يحترم عقول الناس على الأقل بأن يختلق اتهاما مقبولا ومستساغا، وبهذه المناسبة أقترح اتهاما أرى أنه سيجد رواجا هائلا وصيتا واسعا وسيكون سببا وجيها لإغلاق الجمعية من الغد بل من اليوم خاصة كوني خريج حلقات القرآن التي أشرفت عليها الجمعية مما يسر لي الاطلاع من قرب على حقيقة الجمعية، والاتهام المقترح يتلخص في أن الجمعية تُخْرج أتباع القاعدة من دائرة السلفية دون رضاهم بل تحذر منهم ولا تحترم آراءهم البتة، بل وصل الأمر بها الى أنها لا تستضيف الدعاة المعروف تعاطفهم مع فكرهم بالرغم من شهرة بعضهم الواسعة للأسف، بل بلغ الأمر ببعض محبي الجمعية أن وصفوا أتباع «القاعدة» بفرقة الخوارج المارقة، فهذه الاتهامات وإن كانت تعتبر وساما في حق الجمعية لكن يمكن أن تُسوغ على أنها دعوى لإلغاء الآخر خاصة اننا في زمن ينادي بتقبل الآخر في «الرايحة والجاية».
إن اتهام الجمعية بدعم «القاعدة» نكتة «بايخة» للغاية، فيكفي القارئ المنصف والمتابع الجيد أن يرجع إلى الوراء قليلا وبالتحديد إلى منتصف التسعينيات من القرن الماضي ليرى كيف أن جمعية إحياء التراث الإسلامي واجهت وحدها الهجمة الفكرية والعقائدية الشرسة لمنهج التكفير قبل ظهور ما عرف اليوم بفكر «القاعدة» أصلا، ومن آثار تلك الهجمة اتهام الجمعية بفكر الإرجاء، وهو الاعتقاد أن الإيمان لا تضره أي معصية تارة، واتهموها بمهادنة الحكام والسلاطين تارة أخرى، وذلك كله يرجع إلى أن منهج الجمعية في التعامل مع ولاة الأمر واضح لا لبس فيه، وهو ما يرفضه أتباع القاعدة، ففكر الجمعية الذي ينبذ الخروج على الحكام ويقصر الأمر على التناصح بالسر والصبر على جور الولاة كله بحمد الله مسطر في مطبوعات الجمعية سواء المقروء منها أو المسموع أو المرئي، أسفت جدا على بعض المتحمسين في دفاعه عن الجمعية حين زعم أن اتهام أميركا للجمعية أشبه باتهام بعض الكويتيين، ممن رأيهم في «القاعدة» رأي قاتم وغائم إن لم يكن مشجعا ومحرضا فشتان بين الثرى والثريا.
المشكلة الحقيقية في الغرب أنهم يدعوننا إلى فهم الآخر والعناية بحقوق الإنسان وإعطاء المتهم حق الدفاع، لكنهم ينسون أنفسهم وهذا الفعل ينطبق عليه قول الله تعالى (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)، لكن الحقيقة أن الغرب كانوا يعنون بالآخر وبالإنسان وبالمتهم، هم أنفسهم لا غير وهذه قمة العنصرية التي عرف بها بنو إسرائيل عموما اليهود والنصارى.
شكر وتقدير:
الشكر والتقدير موصول للكاتب الكبير الزميل سامي النصف صاحب القلم المقروء على تواصله مع قرائه المتعددين بكل رحابة صدر وبشاشة محيا وحرصه على تبادل الآراء ووجهات النظر معهم رغم كثرة أشغاله، فالأستاذ الفاضل أرى فيه نموذجا للكاتب المنصف والمحايد والذي نتفق معه أكثر مما نختلف، فمن طبعي أن أحب كل مبدع في عمله وناجح في حياته فلا تسألوني ليش؟