ضاري المطيري
اعرف رجلا عسكريا أقلقت الديون مضجعه، حكى لي عن شدة حاله وكيف كانت تأتي عليه أيام وثلاجة البيت عنده خالية، لكن بعد النقاش الطويل والمتكرر معه اتضح لي أن الدين الذي أرهق كاهله ناتج عن سوء إدارة محضة بشهادة لسانه، ومع ذلك فالرجل حين خاطبته ذات مرة أني استخرجت بطاقة التموين من وزارة الشؤون أبدى عجبه الشديد مني، واستغرب كيف لي أن أذهب لأخذ التموين رغم اليسر الذي أعيش فيه والحمد لله، وقال لي بالفم المليان «أنا أتعزز وأتكرم عن أخذ أي شيء من التموين لأنه في نظري لا يساوي شيئا ولا يغنيني، بل ولا أرضى أن أقف مثل الشحاذين عند التموين» وللعلم فالرجل نفسه كان يستقبل الصدقات والزكاوات الى وقت قريب من كتابة هذا المقال لسد حاجاته مثل شراء سيارة وفرش الشقة الجديدة وشراء ملابس العيد، وللأسف أمثال هذا الرجل في الكويت كثيرون.
ليت من استخف بـزيادة الـ 120 أو الـ 50 دينارا يقول الحمد الله، وليت من لم تعجبه الهدية الرمضانية المقترحة أن يقول ايضا الحمد لله، فأين نحن من هدي النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مع النعم؟ قال أنس بن مالك ( رضي الله عنه ): «كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يلبس ما وجد، ويأكل ما وجد، ما لم يكن حراما، ولم يعب طعاما قط فإن عجبه أكله والا تركه».
كفانا كبرا وبطرا، واين الرضا واين الفأل من حياتنا؟ نعم للثراء المعقول والترف المحدود واقتسام الفوائض المالية بين أفراد الشعب، لكن لا للفظ اللقمة ولا لنكران الفضل، فالنعمة زوالة، كفانا تكسيرا للمجاديف، فمن العيب ان يكون الانتقاد لمجرد الانتقاد، فقد افتقدنا الإيجابية وملأنا حياتنا بالسوداوية.
تحترق أو تتعطل محولات كهرباء فتعيش مناطق متفرقة من الكويت في ظلام دامس، فأين أنتم من ذلك؟ والتعليم يشكو من الزيادة والحشو، والطلبة والمعلمون يطالبون بكراسي وطاولات كافية، وخريجو الثانوية لا يجدون مقاعد كافية في الجامعة، فما لنا لا نرى لكم صوتا؟
الصحة في ترد مطرد، والمستشفيات تفتقر إلى الغرف والأسرة الكافية، والتكييف كل يوم خربان، وضحايا الأخطاء الطبية في ازدياد، فهل من تعليق؟ الإجابة: كلنا مشغولون بوزارة التجارة، ونطيل النظر في الوزير باقر، وننتظر أي شيء نعلق عليه ليكون مادة نكتب عنها، فنقد باقر مطلب شعبي حثيث وسبب رئيسي لاستقطاب الجماهير النائمة حسب آخر استبيان أخرجته جريدة «يقولون تايمز العالمية»، وللعلم هذه الجريدة كثيرا ما يعتمد عليها المرشحان الجمهوري والديموقراطي لرئاسة الولايات المتحدة.
عجبت كثيرا من بعض الإخوة الذين قللوا من انجازات الوزير أحمد باقر في مكافحة الغلاء، وعجبت أكثر ممن امتدح باقر وزيرا وذمه نائبا، ملغيا بذلك كل إنجازاته الوطنية والإسلامية والشعبية التي حققها تحت قبة البرلمان على مدار 24 سنة الماضية، نعم أختلف ويختلف معي كثيرون مع أحمد باقر لكن الإنصاف يجب أن يكون دائما حاضرا في طرحنا.
سنشكر كل وزير ناجح سواء كان أحمد باقر أو غيره لأن الكويت عندنا هي الأهم وهي الباقية، وسنقول للمتخاذل منهم «عفوا، أفسح المجال لغيرك».