ضاري المطيري
مر بي في المسجد قبل أيام والد الابن المفقود فهد عبدالوهاب البناي يبحث عن ابنه ويسألني عمن رآه، وفي اليوم التالي مر بي اثنان من أقاربه كذلك يسألانني ويقولان: هل بالإمكان أن يكون نائما في المسجد مثلا؟ لكن الوجوه التي رأيتها حينذاك غير الوجوه التي ألفتها، حيث كانت وجوههم شاحبة والعيون شاخصة ساهرة، لا يدرون إذا كان ابنهم حيا أم ميتا، جائعا وخائفا ام غير ذلك، فكيف هي يا ترى تلك الليالي التي مرت على ذويه لا يدرون عن حاله ولا مكانه شيئا؟
حينها تذكرت حال المفقود الكويتي حسين الفضالة الذي غاب في السجون الإيرانية قبل قرابة الشهرين، ونعلم أن لديه زوجة وأبناء لا يعلمون عنه شيئا حتى هذه اللحظة.
والعجيب في الأمر أن قضية «حسين الفضالة» لم تأخذ حقها من الزخم الإعلامي المتوقع لمواطن كويتي مفقود، لا على المستوى المحلي ولا الدولي، ويا للأسف قضايانا دائما ما نميتها إعلاميا ونقتلها كبتا وحبسا، فصمت الحكومة قد يؤول لكن صمت نوابنا هو المحير حقا، فلم هذا التجاهل؟ ولم هذه اللامبالاة؟ هل يريد المسؤولون بهذا «التطنيش» إيصال رسالة للمواطن الكويتي فحواها أن مياهنا الإقليمية أصبحت غير آمنة؟ إذن من الغد من يستطع الحصول على الجنسية الأميركية قبل نزوله للبحر فليفعل.
في المقابل أحب أن أستغل الفرصة لشكر المبادرة الطيبة التي قامت بها الزميلة «الرؤية» في إحياء قضية هذا المواطن المعتقل، كم أشكر القائمين على «الحملة الشعبية لمعرفة مصير المواطن حسين الفضالة» على الجهد الجبار الذي يقومون به نتيجة وازع وطني بلا شك، كما أذكر الإخوة في إيران بأن الإنسان أهم من السياسة بكثير.
افتقاد الأحبة هم ما وراءه هم، فيعقوب عليه السلام فقد بصره من شدة وجده وحسرته على فراق ابنه يوسف، قال تعالى: (وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم).
يا صاحب الهم إن الهم منفرج
أبشر بخير فان الفارج الله
كل الناس مبتلى ومصاب، ولكن طوبى للصابرين الذي قال الله فيهم (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، فنسأل الله ان نكون منهم.
وفي الختام، نحمد لله أن أقر بفضله عيني والدي فهد البناي برؤيته وعودته سالما بعد طول انتظار، كما نسأله سبحانه أن يقر أعين أهل «حسين الفضالة» بعودته سالما غانما معافى من كل سوء، وأن يرجعه إلى أهله كما أرجع يوسف إلى أبيه يعقوب عليهما الصلاة والسلام.