ضاري المطيري
من خذل غزة؟ لقد خذلها من أغلق معابرها وشارك في حصار أهلها وحال بينها وبين وصول الإغاثة لها.
من خذل غزة هم من عاقبوا الشعب الفلسطيني لاختياره الحر لحماس.
من خذل غزة هم من كثر كلامهم وقلت أفعالهم فلم نر منهم حتى الرصاصة الواحدة تطلق نصرة لأشقائــهم.
من خذل غزة هم من عملوا على تكديس ترسانات الأسلحة التي اغــــبرت، والتي لا تخرج إلا لقمع شعوبهم وتثبيـت عروشــــهم.
من خذل غزة هم من جعلوا السيف ينام في غمده ولا يخرج إلا على أهله وإخوانه.
من خذل غزة هم من دأبوا على سلوك طريق التخذيل ودرب التخوين وحث الغوغاء على الانقلاب وخلخلة الأمن في بلاد المسلمين كفعل المنافقين.
من خذل غزة خذلها كثيرون فلنحذر أن نكون منهم.
البعض ينادي بفتح الحدود يزعم الجهاد، لكن أين العدة وماذا عن الاستعداد؟ والله يقول «وأعدوا»، فلا عدة دنيوية ملموسة ولا دينية محسوسة، شباب المسلمين عجزوا عن جهاد النفس والهوى والشيطان فكيف لهم بجهاد السيف والكفار؟ ألا ترون صرعى البرامج الفضائية الخليعة، ما أكثرهم؟ وقتلى قنوات السحر والشعوذة لا يحصون عددا؟ ومرضى المواقع الإباحية يصعب حصرهم؟ فلنقم إذن الإسلام في قلوبنا حتى تقوم دولة الإسلام على أرضنا، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
يجب ألا نصرف النظر ونغض الطرف عن الأسباب الدينية الحقيقية لوقوع المصائب والبلايا، (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس)، فليست خسارة التجارة بسبب سوء التدبير، وليس موت المحبوب نتيجة فقدان الدواء، فالحيطة لا تغني شيئا أمام أقدار الله، فالرزاق هو الله والمحيي المميت هو الله، هناك أسباب دنيوية مادية؟ نعم، لكن هناك أسبابا دينية ربانية أهم وأكثر أثرا في الحوادث، فالمسلمون قتل منهم 70 في غزوة أحد وهم خير من في الأرض آنذاك لمجرد معصية وقع فيها بعضهم، فلم يشفع لهم مقام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بين أظهرهم، إنها المعصية التي أهلكت الحرث والنسل بشؤمها، وغفل عنها كثير من الناس واستهانوا بأثرها.
بعضهم استغرب الفتاوى التي تحرم المظاهرات والاعتصامات وترى فيها صورة من صور الخروج على ولاة الأمر، لكن السؤال هو ماذا فعلت لنا المظاهرات والاعتصامات؟ وما هو نتاج الثورات والانقلابات العسكرية؟ لم تغير فينا شيئا إنما نقلت حالنا من سيئ إلى أسوأ.
لكن البعض يسألون:
«ماذا نفعل أنجلـــس في بـــيوتنا نتـفرج على ضحايا غزة؟»، والإجـابة ببساطة نحن نريد استثمار هذا التفاعل استثمارا مجديا، وألا يختزل في مجرد الخروج في طوابير تمشي في الشــــوارع هائمة ثم ترجع إلى بيــوتها تظن أنها فعــلت ما يجب عليها فـــعله وأنها أدت الواجب، المطلوب من أمة الإسلام أكثر من ذلك بكثير، نـــريد التفاتا لأنفسنا وترتيب صفوفنا وتوحيد كلمتنا، ولنترك النحيب والصراخ والسباب الذي يسلكه البعض لتفريغ الكــــبت لأنه لا يجــــدي نفــعا، نريد إمدادا بالمــــؤن وتضرعا بالدعاء وملازمة نصح الولاة والأهم من ذلك الكف عن المعاصي وعدم شق الصف أكثر مما هو عليه.
يجب علينا كمسلمين ألا نسعى في تخذيل عزم الشعب الفلسطيني أو الشماتة بحاله، فليس هذا من شيم الكرام، فما لاقاه الشعب الكويتي من نكران الجميل من بعض القيادات الفلسطينية لا يمثل إلا القلة، كما ينبغي علينا عدم إلقاء الملامة على المناضلين في قطاع غزة لنخلق الأعذار الواهية للعدوان الصهيوني الغاشم، فالقصف لم يقتصر على حماس بل شمل الجميع أطفالا ونساء، ما لم يكن جميع من في غزة حمساويين، وقبل الختام لا يفوتني أن أقدم الشكر الجزيل للجنة العليا لمهرجان «هلا فبراير» لإلغائها الحفلات الغنائية تضامنا مع مأساة غزة، كما نسأل الله سبحانه عونه ومدده لإخواننا هناك وأن يعجل لهم بنصرهم.