نقولها بكل صراحة وجرأة: لا نريد أن نستضيف من يشكك في القرآن من الزنادقة، حتى ولو سبق اسمه بكلمة أديب أو مفكر، ولا نود أن نستمع لحديث من يطعن في الصحابة من أهل الفتن والأهواء، ولو سبق اسمه بشيخ أو داعية، ولا أن نحاور من يشكك في حرمة الاختلاط من مرضى القلوب، ولو سبق اسمه بمدير أو دكتور، وليس ذلك لضعف حجتنا كما يزعم البعض، بل لسخافة فكرهم وخطره على دين العامة، بالإضافة إلى أننا نربأ بأنفسنا أن نضيع أوقاتنا الثمينة في الجدال والمراء الذي لا طائل منه سوى قسوة القلب.
أطروحاتهم متكررة أخذت أغلبها من المستشرقين والملاحدة، أو شبه شيطانية خطيرة كان دواؤها في الشريعة الإسلامية، بالانتهاء والاستعاذة بالله تارة، وبقولنا «آمنا بالله» تارة أخرى، نعم لا نريد أن نستمع إليهم وذلك للأسباب التالية: أولها أن الله أمرنا بالإعراض عمن يطعن في ديننا، قال تعالى: (وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا).
ثانيها أننا لسنا بحاجة إلى جدل ومزيد كلام بعدما تركنا رسولنا صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، جاء رجل إلى الحسن البصري فقال: «يا أبا سعيد إني أريد أن أخاصمك»، فقال الحسن: «إليك عني فإني قد عرفت ديني، إنما يخاصمك الشاك في دينه»، ونحن والحمد لله ليس في قلوبنا شك من ديننا، وقال الحسن ايضا «لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم ولا تسمعوا منهم».
وكان ابن طاوس جالسا فجاء رجل من المعتزلة فجعل يتكلم، فأدخل ابن طاوس إصبعيه في أذنيه، وقال: لابنه، «أي بني أدخل اصبعيك في أذنيك واشدد، ولا تسمع من كلامه شيئا»، قال معمر راوي الخبر: «يعني أن القلب ضعيف»، وحقا ما يدرينا لعل قلوبنا تزيغ ويعلق بها شيء من الشبهات، فهل يعقل أن نعرض ديننا للضياع؟!
بل الأمر أبلغ من مجرد النهي عن مجالستهم، حيث نهينا عن الاطلاع على كتبهم، ففي الحديث «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «أمتهوكون فيها يا بن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» رواه أحمد وحسنه الألباني.
وسئل أبو زرعة رحمه الله عن المحاسبي وكتبه، فقال: «إياك وهذه الكتب، هذه كتب بدع وضلالات، عليك بالأثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك عن هذه الكتب»، فقيل له: «في هذه الكتب عبرة»، فقال: «من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه عبرة».
ومع الأسف الليبراليون في الكويت أوجعوا رؤوسنا بتأكيدهم أنهم أصحاب راية التمدن والحداثة، حتى ظننا أن الكويت ستفيض بضيوفهم من أرباب الهندسة والطب وأمثالها من علوم المادة النافعة، التي بها فاقنا الغرب المتطور، فإذا بهم يستضيفون من لا يحسن إلا صفصفة الكلام، والفلسفة الزائدة، وكثرة السجع من ربع «أرأيت»، و«الحقيقة المطلقة»، و«أنا أفكر إذن أنا موجود»، وأشياء نحو ذلك من المصطلحات التي جهلها لا يضر، بل ينفع، وأخيرا أقول: «دعوة التحالف الوطني والمنبر للمدعو نصر أبو زيد والدفاع عنه سقطة لن تغتفر».
[email protected]