ما أشبه اليوم بالبارحة، ففي الأمس القريب اجتمعت بعض المنظمات والهيئات حتى تثني حكومة طالبان عن هدم أصنام بوذا في «باميان» آنذاك، والإعلام العربي كالعادة كان ذنبا وتبعا للإعلام الغربي في كل شيء، فالأغلب ممن يسمون بمثقفين ومفكرين وأدباء عرب أدانوا مجرد عزم طالبان على هدم تلك الأصنام التي تعكس مدى الرجعية والتخلف اللذين وصلت إليهما عقول بعض البشر، الذين تعلقت قلوبهم بالحجارة من دون الله.
ومع الأسف حتى من كنا نحسن الظن بهم ونأمل منهم هداية الناس والصدح بالحق ممن يسمون بالعلماء والدعاة، وهم في الحقيقة علماء سلاطين ودعاة ضلالة، قاموا بزيارة رسمية لطالبان وشدوا الرحال لها، ليس لحقن الدماء الزكية من الأطفال والنساء والشيوخ التي أسيلت نتيجة تناحر جماعات إسلامية تدين بدين واحد، وليس لمعالجة الفقر أو القضاء على الجهل في تلك البلاد البعيدة، وإنما أتوا كوساطة لمنع تحطيم الأصنام، أصنام بوذا فحسب، الله أكبر عليهم.
وسبحان الله، بعض هؤلاء المتعالمين وقفوا على النقيض من ذلك الموقف من قضية حجاب المسلمات في فرنسا، حتى سمعنا أحدهم يقول: «حظر ارتداء الحجاب في مدارس فرنسا شأن داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه»، وزعم نفسه أن للمرأة رخصة رفع الحجاب إذا كانت تعيش في بلد غير إسلامي، «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا».
والآن جدران المسجد الأقصى تلفظ أنفاسها الأخيرة بعدما أعيتها الحفريات التي نخرت في أساساتها، وإعلامنا العربي ينقل أحداث القدس على استحياء، فلا هيئات ولا لجان ولا جماعات ممن تنطوي تحت مسمى المجتمع المدني المتحضر سمعناها تدين هذه الانتهاكات، وتتحرك لوقفها تعظيما لشعائر الله، «ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب».
أيها الإخوة «أليس فيكم رجل رشيد»، الأقصى يستصرخكم أيها المسلمون، فهل من مغيث وهل من مجيب؟، انصروا الأقصى بالمال وبالكلمة وبالدعاء، وفي الحديث النبوي الصحيح «من لم يهمه أمر المسلمين فليس منهم».
[email protected]