الإضراب بتعريفه العام هو «الامتناع عن أداء عمل او خدمة من الطرف المكلف إلى الطرف المستفيد من هذا العمل او الخدمة مما يترتب عنه أضرار مادية ومعنوية في مصالح الطرف المستفيد وقد يمتد ليسبب أضرارا عامة مادية ومعنوية للمجتمع».
لقد شلت حركة البلاد في الأسبوع الماضي دخولا وخروجا عندما نفذ موظفو الجمارك إضرابهم مطالبين بحقوقهم حسب تصريح نقابتهم مما اضر بحركة المسافرين والبضائع وهذا لاشك اضر بالمصالح العامة والخاصة ونتج عنه خسائر مادية جسيمة، لذلك ليس لدينا شك في أن بعض الإضرابات إذا تمت تكون مؤثرة، وسبق أن ذكرت في أكثر من مقالة وأكثر من مناسبة لست من مؤيدي الإضرابات أيا كان مبرراتهم ولكن مع المطالب العمالية إن كانت مستحقة وفيها إنصاف لأي قطاع كان وان تحقيق تلك المطالب إن وجدت تكون عبر الحوار بين المطالبين والمسؤولين أصحاب القرار في القطاع نفسه.
لكن من المسؤول عن تلك الإضرابات التي باتت تهدد مصالح البلاد وتضر بها؟ سؤال مطروح والإجابة عنه في رأي المتواضع إذا ذهبنا بتحليل عميق للمشكلة نجد الحكومة هي المتسببة في هذه الإضرابات، ليس بالطبع أنها تدعو إلى ذلك علنا ولكن سياستها في التعامل مع الكوادر والرواتب هي السبب الرئيسي الذي دفع بعض القطاعات للإضراب أو التهديد به والمسلسل مازال مستمرا بسبب التخبط الواضح في قضية الرواتب والكوادر فكيف لشعب ينفجر مطالبا بزيادة الرواتب إذا علمنا أن متوسط رواتب الموظف الحكومي الكويتي يزيد على كل المتوسطات المماثلة في الدول الصناعية والمتقدمة الكبرى، كما أكد تقرير توني بلير وتقارير دولية أخرى، وكيف يطالب الناس بالمزيد ومتوسط الدخل معزز بقيمة 4 إلى 5 مليارات دينار سنويا، تنفق على دعم السلع والخدمات الأساسية لا يعادله أي مجتمع في العالم، كيف يمكن تبرير كل هذا النهم، إذا علمنا أن متوسط دخل الفرد في الكويت يضاهي مثيله أو أكثر في الإمارات وقطر ويزيد على متوسطات السعودية وعمان والبحرين؟ إذا كان المبرر الرئيسي هو الغلاء فالحكومة هي المسؤولة عن هذا الملف وإذا كان التضخم فهو نفس الغلاء يرجع لسياسة الحكومة في معالجة هذين الملفين.
لقد أخطأت الحكومة خطأ جسيما عندما عالجت مطالب قطاعية بترضيات قصيرة النظر، إذ إنها لم تتنبه إلى بديهية جرها إلى لعبة مساواة عمياء هنا وهناك، بغض النظر عن الإنتاجية والأحقية.
فعندما أقرت كوادر هنا وزادت رواتب هناك، أسالت لعاب كل البقية الباقية، حتى وقف الجميع في الطابور طلبا لخيرات توزع بلا سؤال، لقد خلقت الحكومة تشوهات هيكلية في سلم الرتب والرواتب، عندما ذهبت في عملية العطاءات وعشوائيتها في عدد من القطاعات والمرافق، متناسية قطاعات ومرافق أخرى، تلك التشوهات أثارت غضبا مبررا حينا، وغيرة وحسدا أحيانا أخرى كثيرة، حتى بتنا اليوم فيما يشبه مزادا علنيا يفوز به من يصرخ أفضل ومن يبالغ أكثر.
إن بداية شرارة الإضرابات بدأت عندما وافقت وزارة النفط على رفع الرواتب على نحو مفاجئ وبسخاء غريب، دفع كل موظفي القطاع العام إلى طلب المعاملة بالمثل، فكان الواجب على الحكومة أن تدرس كل المطالبات دراسة علمية متأنية تراعي فيها المصالح العليا للبلاد بحسب كل قطاع وأهميته وطبيعة عمله لا ان تكون عشوائية، لذلك فالحكومة هي التي تسببت في تلك الاضرابات التي حصلت والتي ستأتي ان لم تنجح في وقفها.
[email protected]
twitter:@fafalmasoud