مثلما أن انتقاد الحكومة أو الثناء عليها مرتبط بتقييم المراقبين للأداء، فإن الموقف المميز للأخ الكبير النائب أحمد عبدالعزيز السعدون من موضوع الخصخصة يتطلب وقفة تقدير واحترام كونه ذهب الى تفاصيل الموضوع من جهة الحفاظ على قيمة أصول المال العام محل الخصخصة والضمانات اللازم تقديمها لحفظ حقوق العاملين في المرافق المطروحة للمستثمر الوطني والرقابة على الأداء..الخ، وهي أمور مطلوبة، قال عنها بوعبدالعزيز «أريد أن يأتي أي أحد بقانون خصخصة في العالم يضمن هذا الكم من المزايا التي وردت في القانون المطروح».
بعبارة أخرى، فإن اعتراض البعض على القانون يعني حكما الاضرار بالموظف الكويتي العامل في تلك المنشآت وتفويت فرصة ذهبية قد لا تتكرر، الأمر الذي يتطلب من المواطنين أعضاء نقابات العمال الاتصال بمجالس إداراتها ليقولوا لهم «انتوا معانا ولا ضدنا؟».
لقد لاحظ النائب الفاضل أحمد السعدون نتيجة قانون b.o.t التي لم تسفر عن قيام مشروع واحد منذ صدوره منذ عامين وأخذ ذلك في الاعتبار وهو موقف يسجل له، فالتقييم لما تطرحه الدولة أمر واجب، سواء جاء الطرح من الحكومة كقانون الاستقرار المالي أو من مجلس الأمة مثل b.o.t لابد من تقييم يرتقي عن الاصطفاف السياسي الى تحمل مسؤولية هذا الشعب الذي لا يدري كيف سيتم توفير وظائف لـ 460 طالبا سيدخلون الى سوق العمل خلال السنوات العشر القادمة، هؤلاء يحتاجون الى حركة شاملة لا تقتصر حتى على «الخصخصة»، وأقتبس هنا شيئا مما ذكره الزميل الفاضل سامي النصف يوم أمس: «كسر احتكار قطاع الخدمات الصغيرة والمتوسطة من قبل فئة تفلس من يدخل في هذا المجال بما لديها من تكاتف وخبرة لا يملكها المواطن الشاب الذي يملك الهمة والتحدي والإبداع ولكنه يواجه كارتيل سواء في سوق الخضار أو غيره من أسواق التجزئة والخدمات».
إن هذا الموقف للنائب الفاضل أحمد السعدون، وبقية الاخوة والأخوات النواب يعني تحميل السلطة التنفيذية المسؤولية الكاملة لمتابعة وتيرة الاصلاح الاقتصادي، وهو الموقف الثاني بعد «الموافقة بالإجماع على خطة التنمية «الأمر الذي يتطلب من الأجهزة المعنية متابعة مسائل، على سبيل المثال، اعتادت الكويت على تنفيذ المشاريع والخدمات من خلال «الغرف» من الموازنة العامة، في حين تشتمل الإدارة المالية السليمة للموارد «طرح أوراق مالية» يكتتب بها القطاع الأهلي كمضارب – شريك – في ملكية الأصول على عدة أساليب قد تصل الى «التخارج أو التحول الى أسهم ملكية «وهذه ليست بدعة، فقد استفاد بيت التمويل الكويتي - على سبيل المثال – من التزامه بالمشاركة في تمويل مشروع «ايكويت» عام 1997 - 200 مليون دولار ثم رفعها الى 500 مليون دولار - من هذه الخطوة حينما حولها الى أوراق مالية متاحة لعملائه، وتمت تعبئة تلك المبالغ من خارج الميزانية مع تحقيق عوائد عن الالتزام تجاه المشروع ومن العملاء في حال الشراء واعادة البيع عدة مرات، الأمر الذي سمح للمواطن بالمشاركة بمشاريع مليارية حتى ولو لم تتجاوز مساهمته العشرة آلاف دينار.
نتمنى أن تفتح خطوات الاصلاح الاقتصادي الباب لتدفق الأموال الى الكويت من بوابة المشاريع - وليس عبر سوق الأسهم - ومعظمها ستكون لمواطنين تجمدت أموالهم في حسابات مصرفية محلية حتى اتخمت بها البنوك التي خفضت سعر الفائدة الى الحد الأدنى بسبب تلك التخمة.
كلمة أخيرة:
التقيت رئيس تركيا الأسبق «توركوت اوزال» يرحمه الله عام 1993 فحدثني بحضور شقيقه عن فتح الباب لمن يريد إخراج أمواله من تركيا، قال «الكل عارضني، بمن فيهم أنت – وأشار الى شقيقه، الذي هز رأسه – قالوا لي ليس لدينا إلا ثلاثة مليارات بالعملة الأجنبية، فلما نفذنا إلغاء منع التحويل ارتفع حجم العملات الأجنبية لدينا من 3 إلى 15 مليار دولار، ازدادت الثقة باقتصادنا وجاءت الأموال والمستثمرون إلينا بكثافة».. إنها الثقة بالنفس والرؤية الثاقبة التي لا ترتهن للحظة العابرة.
[email protected]