فيصل الزامل
الاستطلاع الذي نشرته الزميلة القبس - تحدثنا عنه أمس - تناول أهمية عدم معاقبة أسرة السجين بجرم لم ترتكبه، وان المجتمع والقانون يعاقبان ولكنهما لا ينتقمان، وهما يمنحان الفرصة للاقلاع والندم، ويفرحان لإعادة الفرد الضال الى جادة الصواب، بغير تفريط في حقوق المجني عليهم.
جاء التحقيق الصحافي «الخلوة الشرعية، من واجب ديني الى ضرورة أمنية» وفي المقدمة «طالعتنا الصحف بقيام مجموعة من نزلاء السجن المركزي باغتصاب أحد السجناء وتناوبوا على هتك عرضه».
وتناول التقرير أخذ معظم الدول الأوروبية بمبدأ الخلوة الشرعية وتنظيمها للحد من جرائم الاغتصاب داخل السجون، وقد جاء في حيثيات الفتوى الصادرة في هذا الشأن: «العقوبة في الإسلام شخصية، فهي لا تتعدى الجاني الى غيره، وقد سمح الخليفة عمر بن الخطاب ( رضى الله عنه ) بالخلوة بين الزوج وزوجته، لما تحققه المعاشرة الزوجية من درء لمفاسد كبيرة على الطرفين في الأسرة، وأيضا على المجتمع ككل».
ان شعور السجين بقوة الحوافز يحقق تغييرا شاملا في كيانه، إذا ما صاحب ذلك برنامج متكامل يعيد تأهيله ليكون أداة إصلاح في المجتمع، وربما استطاع ان يتعامل مع فئات مرشحة للانحراف - عبر خبرته - ليقلل من تلك الأعداد الوافدة الى السجون، حيث تسعى وزارة الداخلية الى تحقيق معنى العقاب والاصلاح معا، دونما افراط في «الأول» وبغير افراط في «الثاني» يساء فهمه، واستغلاله!
لقد عاش عدد من الشباب الكويتي، والخليجي تجربة في الولايات المتحدة التي سمحت للمصلحين الاجتماعيين بالدخول الى عدد من السجون الاميركية، واظهرت هذه التجربة نتائج باهرة، أثمرت نماذج من البشر لديهم ذكاء حاد، قادهم الى عالم الجريمة، فإذا تمت اعادة برمجة هذا الذكاء فإنه يؤدي الى نتائج تعجز عنها الأساليب العسكرية.
أحد هؤلاء المصلحين، هو الأخ الفاضل ابراهيم ماضي الخميس، يرحمه الله، كان قد اعتاد على زيارة سجن الولاية، في مدينة شيكاغو وتأثر بدروسه عدد من سجنائه.
في أحد الأيام حدث شغب كبير في السجن، وتلقى اتصالا من ادارة السجن فذهب بغير تردد رغم بعد المسافة، وكان لأسلوبه السهل والروحاني أثره في تهدئة ثورة السجناء ومعالجة أسباب تلك الثورة، وهو أمر عجزت عنه الأساليب الأمنية التقليدية.
أذكر ان أحد مسؤولي الأمن في الكويت قد طرح مسألة الحدود التي يتحرك ضمنها رجل الأمن في قضايا شائكة، لابد من تضافر جهود المجتمع لمعالجتها، أمنيا واجتماعيا وروحيا، لقد تحقق شيء من ذلك في الكويت عبر تعاون «الداخلية» مع «الأوقاف»، وهو أمر يمكن ان تتضاعف ثمراته إذا توافرت له الموارد البشرية الملائمة في النوع والعدد، والدعم المادي والمعنوي الذي يحقق للبلاد وفرا ماديا، وصحة مجتمعية.. لا تقدر بثمن.