فيصل الزامل
يهدف الفصل بين تقديم طلب طرح الثقة في الوزير المستجوب وجلسة التصويت على هذا الطلب، وعدم التصويت في نفس جلسة الاستجواب، يهدف هذا الفصل - حسب الدستور - الى ابعاد هيئة النواب، ونفسياتهم عن التصويت الانفعالي، المتأثر بالشحن النفسي من جانب المستجوبين.
ظهرت نتيجة هذا الاجراء الدستوري في الاستجواب الاخير، حيث كانت ردود وزير النفط - التي تخلو من المهارات الاستعراضية وتفيض ببراءته مما نسب اليه - اكثر من مقنعة بأن اعدامه سياسيا على خلفية قضية «علي الخليفة» هو تعسف، لم يقبله ضمير اكثرية النواب، بل بادر وزير المواصلات شريدة المعوشرجي الى ابراء ذمته من هذا الميل الشديد عن جادة الصواب، الذي رآه جليا في ممارسة سياسية لا شأن لها بميزان العدالة بتاتا.
بالاضافة الى ان قنوات المتابعة القضائية مفتوحة وقائمة، فان وزير النفط الاسبق الشيخ علي الخليفة كان موجودا في منصبه عام 1986، وكان بامكان النواب آنئذ استجوابه، ولا يزال عدد منهم في مقعد النيابة الى اليوم، ولكنهم لم يقوموا باستجوابه ولا بطرح الثقة به، وهم اليوم يأخذون الشيخ علي الجراح بديلا عنه، بأي منطق يمكن قبول هذا السلوك؟!
بأي منطق يقبل الرأي العام الكويتي عبارات هي اقرب للشتيمة في استجواب وزير النفط «اسكت، اقعد.. انت كذا..» وبصوت لا يوجه الى طفل مشاغب في مدرسة متوسطة او حتى مجرم في زنزانة؟!
من يقبل ان ينسب هذا السلوك الى بلده، وجيله الذي يعتز بأنه نشأ فيه؟
لقد رفض وزير المواصلات ان يكون شاهدا على هذا التصرف، امتثالا للحديث الشريف «من اكثر من سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم فهو شريكهم».
من جانب آخر فان وزير النفط قد أبدى استعداده للاستقالة قبل وبعد الاستجواب، فهو غير متشبث بالمنصب بقدر ما انه وضع مصيره السياسي رهن مصلحة الوطن، حسبما تحدده له القيادة السياسية، وهو موقف نبيل جدا.
ان تعطيل الموازين السلوكية والشرعية والعمل بنفسية انتقامية على اساس ان «وزر هذا يتحمله ذاك» هو اسلوب سقيم، ولا تلبث الايام ان تكشفه!
لقد رفض النائب الفاضل الأسبق احمد الدعيج الامتثال لهذا الاسلوب، واليوم يعترض عليه الوزير المحترم شريدة المعوشرجي، ونحن نعترض على طرح الثقة في وزير النفط بعد ان استبانت براءته، ولا معنى للاتفاق على طرح الثقة به قبل ان يعتلي المنصة، في خضم صفقة: «نقف معاكم، اذا تقفون معي في طرح الثقة بالمعتوق» لا معنى لذلك الا ان وحل السياسة قد ابتلع دروس «الجرح والتعديل» عند البعض!