استمعت الى تمثيلية تلفزيونية في طريقي بالسيارة – عبر الإذاعة – وفي فترة قصيرة سمعت مجموعة من الشتائم التي تمررها الممثلة الى المستمعين «و الله والكوبة – وانتي، سليحط سلحطك...الخ» وغيرها مما لا يحسن تأذية أسماعكم به، وفي المساء سمعت من المتحدثين في المجالس الرمضانية شكاوى من هبوط في أساليب التعبير تمرره تلك التمثيليات إلى جيل كامل يتلقى تلك الوجبات الإعلامية، وقليل من هذا الجيل الذي يسلم من تأثيرها عليه بفضل التربية الأسرية التي تعاني من منافس شرس يهاجم نفوس الناشئة، ويفهمهم أن أسلوب الشتائم يمثل اللغة السائدة في بلادهم.
في المقابل أستمع الى تمثيليات إذاعية في دول خليجية تحمل معاني يحتاجها المجتمع فتمررها بلغة معبرة لا تحمل معها شتيمة ولا سخيمة، بل كلام أهل البلد في أطيب ألفاظه وأحسن معانيه، واذا رجعت الى تمثيلياتنا الكويتية فسوف تجدهم في اليوم الأول من رمضان يحكون قصة خيانة امرأة لزوجها، وسهرتها في شاليه مع صديق.. وغيرها من صور التفكك التي لا يحقق نشرها إلا الضرر، قال تعالى (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة) وبالعكس إذا حملت التمثيليات معاني النخوة والرجولة، كما يراها المتابعون في تمثيليات سورية – مثلا – فإن تلك المعاني تترسخ في ذهنية الناس، الكبار منهم يستذكرونها، والشباب منهم يسترشدون بها في كلامهم وفي المواقف التي يتعرضون لها، فيستخدمون معاني «المرجلة» و«المروءة» بدلا من معاني الخسة والنذالة التي تؤسس لها بعض الأعمال الفنية - مع الأسف الشديد - في العقل الباطن للمشاهد الغافل عما تحمله تلك الحوارات الملوثة.
بعض الشركات الإعلامية تضخ تلك المادة إلى عقولنا لأنها لا تجد النص الجيد – كما تزعم – ولو أنها واجهت رفضا مطلقا لتلك الأعمال يشابه التزام وزارة التجارة بالمواصفات والمقاييس لجودة بعض المنتجات التجارية مثلما يحدث مع شركات الاستيراد التي تضطر إلى الانتقاء قبل الشراء لأي سلعة، لو أن شركات الإعلام فعلت مثل ذلك لتغير إنتاجها شكلا وموضوعا، ولألزمت الكتاب والممثلين بتحقيق مطلب الدولة التي يجب أن تحرص على سلامة العقول والألسن مثل حرصها على سلامة بقية المشتريات، وربما أكثر.
[email protected]