فيصل الزامل
في مواجهة الاتهامات للكويت بسوء التعامل مع العمالة المنزلية، سرني الاطلاع على دراسة شاملة عن اوضاع هذه العمالة التي يصل عددها الى 500.725 عاملا وعاملة، اي اكثر من نصف مليون، وذلك حسب بيانات المعلومات المدنية، حيث تستفيد من خدماتهم 218.000 اسرة في الكويت. اطلعت على كتيبات موجهة لتلك الاسر، وايضا للعاملين فيها بعدة لغات، تشرح هذه الكتيبات امورا منزلية بسيطة، ولكنها مهمة في حياة الاسرة.
مثلا، فيما يتعلق بالاطفال، تقرأ العاملة بالمنزل بلغتها الاصلية شرحا مختصرا حول «ضرورة الانتباه الى ابعاد الادوية عن متناول الاطفال - كيفية اطعام الطفل الصغير - طريقة التصرف عند ارتفاع درجة حرارته - عدم حمله طوال الوقت - اسلوب التصرف اذا تناول الطفل مواد خطرة كالمنظفات - طرق تنظيف الطفل».
ثم ارشادات عن «الاسعافات الاولية» باللغة الفلبينية او التاميلية، وثقافة صحية تخص العاملة في المنزل، مثل «ضرورة غسل اليدين بعد استعمال الحمام - التشطيف جيدا عند دخول الحمام - تغيير الملابس بعد استعمالها، وغسلها».
وتستمر الارشادات لتعرف العمالة بأنواع الوجبات في هذا البلد - بلغات مختلفة - مع ثقافة جيدة حول خطورة عدم تنظيف ادوات الطبخ، واسلوب التعامل مع اجهزة معقدة وخطرة مثل الميكروويف والفرن الكهربائي، وما يصلح هنا، وما يصلح هناك، من اصناف الطبخ والقلي.. الخ.
الذي لفت اهتمامي الى هذه الكتيبات ذات اللغات المتعددة هو ما قرأته من انتقاد في غير محله من احد الزملاء، حين اعتبر انه لا حاجة لمثل هذه البرامج، لمجرد ان الذي قام بها هو وزارة الاوقاف، وذلك اتساقا مع الرفض «بالجملة»، وهو امر غير منطقي، فهذا المشروع عام المنفعة وهو وطني، سواء للرد على الانتقادات من الخارج، او - وهو الاهم - للقيام بمسؤولياتنا تجاه نصف مليون انسان من البشر نسلمهم اطفالنا ووجباتنا واسرار بيوتنا، ويرفض بعضنا ان نصرف بعضا من جهودنا لزيادة معارفهم بهذا المجتمع ومتابعة حقوقهم في الاجر والراحة وحسن المعاملة، لاسيما ان بعضهم ينتقل من ارياف بلاده، ولا يمر حتى على المدن هناك، وفجأة يجد نفسه يتعامل مع اجهزة متطورة، ما يجعل تمرينه وتدريبه وسيلة هامة لحماية الاسر والمجتمع امنيا وصحيا.
ان المشروع الذي اطلقت عليه وزارة الاوقاف اسم «بريرة» هو مشروع نافع، وهو نتاج دراسة شاملة واستبيانات متخصصة، ولقاءات مع سفارات الدول ذات العلاقة بهذه العمالة، ما ادى الى شعور بالرضى من جانب المسؤولين في تلك السفارات، وربما كان يمثل الرد العملي على الاتهامات الموجهة للكويت، لاسيما اذا رافقته تزكية سفراء الدول ذات الصلة بملف العمالة الاجنبية.
هذا الملف «فاخر» فهو لا يهتم فقط بالعمالة البسيطة بل حتى بأصحاب المهن الرفيعة وصولا الى ارقاها علميا كالاطباء والمهندسين والديبلوماسيين.
يقول احد المدرسين الاجانب: «ادرس الكويتيين ولكنني لا اعرف عنهم الكثير حتى زرت مركز «التعريف» الذي يركز على التعريف بعادات المجتمع الكويتي - يختلف عن التعريف بالاسلام - واشتركت في دورة للغة العربية فيه».
وقد شارك في هذه الدورة سفير بلجيكا وزوجته وسفير الفلبين، وألقى الاخير في ختام الدورة كلمة باللغة العربية، اعدها بنفسه، وقرأها بطريقة تبين نجاح الدورة في تحقيق هدفها.
هذه الجهود، هل تستحق التشجيع ام التثبيط؟!