فيصل الزامل
كتب علي شمخاني، المعلق الصحافي في صحيفة «همشري» الايرانية: «لم يطرأ اي تغيير على الاستراتيجية الدفاعية التي تنتهجها الجمهورية الاسلامية الايرانية فيما يتعلق بدول الخليج، فهذه الاستراتيجية اكدت دوما، ومازالت على تنمية العلاقات ومجالات التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والامن، ولن يكون لايران اي خطة توسعية ضد اي بلد، لان نظريتنا العسكرية دفاعية بالكامل».
ثم يتابع قائلا: «الحفاظ على هدوء المنطقة هو احد اعمدة استراتيجية الجمهورية الاسلامية ولا مبرر لاي فهم يخالف هذا الاتجاه» انتهى.
هذه الاستراتيجية التي يشير اليها عدد من المسؤولين الايرانيين، ثم يزعزعها مسؤولون آخرون، ويتنصل كل فريق مما قاله الآخر، لا تشكل اساسا لبناء جسر الثقة المنشود، على ضفتي الخليج.
ما ذكره نائب ايراني حول «سنطالب بالبحرين اذا طالبتم بالجزر.. العديد من الدول العربية كانت في بعض الفترات ملكا لايران» هو قول يفتقر الى الدقة، فقد حكم القواسم اجزاء من البر الفارسي، في «لنجة» وما حولها، بل كانت دولة الامارات بأسرها تحت حكم سلطنة عمان، الى وقت قريب، هذه الامور التي استقرت بين الدول، ويتم العبث بها من حين لآخر في تدعيم مباشر للوجود الاجنبي في منطقة الخليج، وهذا يتناقض تماما مع «الاستراتيجية الايرانية» التي اشار اليها السيد علي شمخاني.
لم يفهم احد كيف تقوم جهات في ايران بمهاجمة السفارة الكويتية بغير مقدمات سوى التصريحات الكويتية برفض استخدام الكويت في اي نزاع مسلح بين ايران والغرب، وهي تصريحات تستوجب حرص طهران على العلاقة مع الكويت، وليس العكس، فيما يفهمه اي عاقل!
ان مفهوم «مرشد الثورة» يقوم على وجود مرجعية سياسية تحول دون انفلات مسيرة الدولة، واي ابطاء في ممارسة هذا الدور سيفتح الباب لاختطاف الدولة، بواسطة تصريح من نائب ومقال من مستشار، رغم ان هناك «استراتيجية» الا انها لا تحظى بالحماية من جانب القيادة السياسية، والمرشد الاعلى للدولة في الجمهورية الاسلامية الايرانية.
هذه «الجمهورية» التي قامت على رفض الاستكبار، ووصفت الجيوش التي جاءت الى منطقتنا بأنها تمثل قوى الاستكبار، في حين نسمع تصريحات لا يمكن وصفها بشيء آخر سوى الاستكبار، وهي لا تختلف في شيء عما كان يقوله المقبور صدام حسين، وهو يهز بندقيته!
ان تصدير الازمات الداخلية الى صدامات خارجية هي طريقة فاشلة، حسب التجربة، ولو تم انفاق ما تتكلفه تلك السياسة التصديرية على التنمية المحلية لاصبحت ايران نموذجا للدولة الاسلامية التي تنشر الامان والاطمئنان، وهو امر نكاد ان نكون نسيناه في منطقتنا التي تنتقل من تهديدات عبدالناصر «سنرميهم في البحر» الى تهديدات قاسم، الى تهديدات المقبور صدام، جيش السبعة ملايين... الخ.
آن الأوان لننتقل الى عصر التطمينات، حتى يشعر سكان هذه المنطقة بأنهم لا يحتاجون الى الوجود الأجنبي، وهو أمر تحققه تصرفات أخرى، غير التي نراها!