فيصل الزامل
المساجلة بين النواب في هذا المجلس ظاهرة جديدة، حيث انهم في السابق كانوا يحافظون على حقوق الزمالة، وما نراه هذه الأيام، وقبلها خلال دور الانعقاد المنصرم، يشير الى ان منهجية شحن الأجواء لم توفر أحدا، وما لم يتم تداركها، والحفاظ على النهج السليم في الممارسة الديموقراطــية - وليس النقابية - فإن دائرة الشحن ستطــال بالأذى كل المجتمع وهو أمر يرفضه الناس، فالأمن والاستــــقرار هما دعامة الدولة، والجــميع يشاهد أثر غيابهما في دول الجوار.
ان ربط الأمل بنظام الأحزاب على انه وسيلة لتحقيق الاستقرار لأن الحزب يفرض سيطرته على النائب في مثل هذه المساجلات هو وهم، فالتجربة الحالية تؤكد ان عدم الالتزام سيكون سيد الموقف، وهو أيضا ما يجري في أنظمة حزبية أخرى تنقسم بسبب رفض بعضها للوقوف مع البعض الآخر عند الاختلاف في الرأي.
ان عبارة «نشر الوعي السياسي هو من فضائل العمل الحزبي» لم تعد مقبولة، كنا نسمعها قبل سنوات طويلة، كان فيها الوعي السياسي أفضل بكثير مما هو عليه الآن، مع انتشار ظاهرة التكتلات التي هي - كما يقال - أحزاب غير مرخصة، فإذا رخصت فسوف نكرر عبارة «ما هقينا كل هذا بيصير» التي تقال هذه الأيام عن ازدياد أعداد الصحف.
من جانب آخر، فإن المساجلة الحامية الحالية - في رأيي - هي «حوبة» جلسة الاستجواب الأخيرة، فمن حيث المبدأ اعتقد ان أداء الوزير السابق الشيخ علي الجراح كان متوسطا، سواء لقلة خبرته في المجال النفطي، أو قصر المدة، ولكن الاستجواب لم يكن عن أدائه ولا حتى عن القطاع النفطي، بل كان سقطة من سقطات العمل النيابي أزعجت الناس بما دار فيها شكلا وموضوعا، وها نحن نعيش آثار تلك السقطة، في ارتدادها على المؤسسة النيابية بأسرها.
انها «سقطة» لأنها مارست أسلوب العقاب للبديل اذا غاب الأصيل، ثم جاءت السقطة الثانية عندما كلف المجلس لجنة للتحقيق، لم تعجب نتائجها أحد الأعضاء فاشتعل هذا السجال الغريب، الذي يهدف فيه النائب الى تأسيس عرف ثان جديد، في فرض اتجاه محدد على لجان التحقيق، مثلما فعل مع ديوان المحاسبة في توجيه طلب واضـــح وصريح له لصياغة تقاريره بشكل مسيّــس، وهو - بالطبع - ما رفضه الديوان.
لقد عرف البرلمان اللبناني هذه الأجواء في بداية السبعينيات، حتى ان جلسة التصويت على رئاسة سليمان فرنجية، تمت تحت تهديد مسدس كان فرنجية يحمله اثناء الجلسة!
انه اذا كان استخدام السلاح للتهديد مستبعدا، فإن الكلام المتناثر وغير المسؤول يماثل في خطره الرصاص الطائش.
«حفظ الله الكويت وأهلها من كل سوء» يرحم الله قائلها، ويحفظ من قيلت فيه.