فيصل الزامل
هذا التوتير المبرمج للكويت اين يراد له ان يصل؟ في كل موضوع يطرح تستخدم اقصى الاشكال الصدامية، في كل مناسبة نحن امام «الانفجار الوشيك» و«الدولة تتفكك» وهي طريقة لا يمكن ان تحدث بشكل تلقائي، وتزداد وتيرتها حدة في كل صيفية، لابد ان هناك مشروعا ما لاختطاف السلطة السياسية في البلاد بوسائل تتنوع في الشكل والتوقيت والهدف واحد، وهو استلاب السلطات الدستورية وشل الشرعية الدستورية ومن ورائها الدولة، لتكون الكويت بعده اشبه بطائرة تم اختطافها واحتجاز رهائن مدنيين داخلها، وما لم تنفذ مطالب الخاطفين، فسيتم قتل رهينة كل ساعة، وهم هنا الوزراء المستجوبون، على مبدأ «تعددت الاسباب - الاستجوابات - والغرض واحد»، والكلام عن الفساد هو وسيلة فقط لا غير بدليل التخصص في اقصاء المجتهدين وملاحقة انظف عناصر الدولة، لهذا استشرى الفساد على مدى سنوات عدة من عمر هذا التوتير المبرمج الذي يشهد ذروته في موسم الصيف من كل عام، في تكرار لا يمكن ان يحدث صدفة!
الكويت ليست لفئة، لا في دوحة الحكم، ولا لتلك المجموعة، وليست لأحد سوى تلك الاجيال الجديدة التي تتمنى لهذا الوطن ما يتمناه اقرانها في دول الخليج، هذه الاجيال تتألم من رؤية وطنهم في هذا الحال من التأزيم المبرمج، الذي يصاحبهم صباح مساء، ويرون آثاره في انقطاع الكهرباء وتراجع الخدمات العامة بكل انواعها، فالوزراء متهمون «خلقة»، سواء في هذه التشكيلة او التشكيلة القادمة أو السابقة أو ما قبلها.. الخ، يستوي في ذلك المجتهد منهم مع غيره، ولا يلتفت اصحاب ذلك البرنامج المأساوي الى ما يجري في المنطقة، حيث تتلبد غيوم سوداء، وتتسارع متغيــرات لا تنذر بالخير، بينما القوم لاهون.
اننا نسير بشكل مقلق نحو النموذج اللبناني، الذي لم تحسم فيه الانتخابات مسألة الاغلبية، وفي الوقت الذي نعتبر الديموقراطية هي الفيصل وانها هي المرجع فاننا نعمل بالاتجاه المعاكس، يقيم بعضنا الاجتـــماعات خـــارج قبـة البرلمان، حــيث لا دور للتصويت، ويعتقد هؤلاء ان تجمعات الساحات - كما في لبنان - هي بديل جيد عن خسارة الاغلبية، وبدلا من العمل الجاد لجأوا الى الخطب والميكروفونات، وها هي الدولة في «لبنان» تعيش في العدم السياسي، ما فتح الابواب مشرعة لدول الجوار كي تفرض عليها الوصاية، وهي نتيجة محتومة سنصل نحن ايضا اليها اذا استمرت هذه الممارسة اللاديموقراطية.
في لبنان ظاهرة هجرة شبه جماعية بسبب يأس الكثيرين، ونحن في الكويت نعيش هجرة الاموال، التي يئست من اصلاح الاوضاع، ووجدت في الخارج بدائل لا تحصى، واذا تعرضت اسعار النفط الى انتكاسة حينما يجيء الوقت المعلوم فان الكويت ستكون بلا بديل، وستواجه اليوم المحتوم الذي يستعد له غيرنا ليل نهار بينما نحن نبدد الفرص الواحدة تلو الاخرى.
لقد ارادت الاقلية ان تتمرد على الديموقراطية، وانقلبت عليها، ولو حدث اجراء من قبل السلطة في هذا السياق فإن الاسبقية في الانقلاب لهؤلاء الذين خرقوا الدستور في المادة الخمسين منه، فمارسوا العمل التنفيذي، واستخدموا الحق الدستوري لاغراض خاصة، وهي معلومة يعرفها جميع الناس اليوم، وتوثقها ملفات المعاملات التي لأجلها كسرت جميع القوانين، من خلال استخدام الحق للوصول الى غير الحق!
الفارق بيننا وبين لبنان اننا جزء من اسرة خليجية متماسكة في اسس قيام الدولة، فلسنا دولة طائفية في تركيبها ولا يحكمنا حزب يمثل فئة، بل نظام يحب الكويتيين جميعا ويخاف عليهم، ومثلما حافظ الشعب الكويتي على تماسك الاسرة الحاكمة، فنحن بحاجة الى محافظة الحكم على الدولة من الاختطاف، فقد ارهقت الكويت من خطة الإنهاك السياسي لأجل مصالح ضيقة وضعت في كفة والناس جميعا مع ابنائهم ومستقبلنا جميعا في كفة.