يقول شخص كويتي مقيم في الخارج لدواعي العمل: زوجتي من ليبيا، اتصلت بأهلها للاطمئنان، ثم حذرتهم من تعريض الأبناء للقتل قالت لهم «خلي الأولاد في البيت يا خالتي».. يكون الرد.. «هما مش نسوان يقعدوا في البيوت، هذا وقتهم إذا هم فعلاً رجال، الشهادة عز وكرامة وما في حدا يموت قبل يومه»، يتابع المتحدث قائلا «وقد سمعت زوجتي مثل هذا الرد من أكثر من واحدة من قريباتها»، هذه الثورة الشعبية قابلها القذافي باستخدام البطش وإعلان الحرب على الشعب، على رؤوس الأشهاد، وليس بشكل خفي كما كان يفعل لأكثر من 40 عاما.
لقد قفز القذافي إلى الحكم في ظروف مشبوهة، كانت فيها ليبيا تحتضن أكبر قاعدة أميركية في شمال أفريقيا في منطقة «هويليس»، ولم يكن القذافي لينجح في تحقيق انقلابه لولا موافقة الولايات المتحدة بل واعدادها المسبق له للوصول الى السلطة، وقد تأكدت رعايتها له في الصمت المريب عن المذبحة الحالية والتعليقات الباردة التي صدرت عن وزيرة الخارجية الأميركية، بينما في حالة حسني مبارك كان رئيس الولايات المتحدة يصرح بشكل يومي على نحو دعم قوى الثورة الشعبية في مصر، لماذا تحول ذلك الحماس الى برود رغم وقوع المئات من القتلى وحرق المعارضين علنا في الميادين العامة؟!
لقد تحدث حسين مازق رئيس وزراء ليبيا في عهد الملك السنوسي قبل ثلاث سنوات في لقاء مع محطة الجزيرة، أجراه أحمد منصور، قال فيه: «كنت مع الملك في تركيا عندما أعلن القذافي انقلابه، وصلنا الى القاهرة في اليوم التالي عبر اليونان، وأردنا السفر برا إلى ليبيا فمنعنا جمال عبدالناصر» سأله أحمد منصور «ليه؟»، فقال «اسأله هو». ما يشير الى أن من سمح بنجاح انقلاب 1952 في مصر و1968 في ليبيا هي الولايات المتحدة، حسبما ينشر هذه الأيام عن دور السفير الأميركي في القاهرة في منع الإنجليز من مناصرة الملك فاروق والسماح بنجاح الانقلاب.
خلال الأربعين سنة الماضية ذاق الشعب الليبي صنوف العذاب، ففي عام 1976، ذهب أحد العلماء الليبيين الى الولايات المتحدة لعلاج حنجرته بسبب إرغام المخابرات في ليبيا له على شرب سائل أتلف حباله الصوتية، قالوا له «هذه المرة التلف جزئي، إذا رجعت الى أسلوبك في الخطب في المرة القادمة فسيكون الإتلاف كليا».
إنها فرصة كبيرة لنا للتأمل فيما أفاءه الله عز وجل علينا من نعمة الأمن في وقت تتسابق فيه أنظمة كهذه لإذلال شعوبها.
وإنما تدوم النعم بمقدار ما يتم تقديرها، والحفاظ عليها.
كلمة أخيرة: الوقفة الحازمة ضد استخدام الفوم في الاحتفالات هي نتاج مآس تعرض لها الكثيرون في الأعوام الماضية، وهذا الحزم الذي امتد لمواجهة العبث وكافة الأعمال التي تشوه تلك الاحتفالات هو التصرف الصحيح في التوقيت السليم، شكرا لكل من أسهم في صناعة وتطبيق القرار، والمطلوب هو التعاون لما فيه الصالح العام، والكف عن الإعلانات التجارية التي أساءت أكثر مما بررت.
[email protected]