فيصل الزامل
جاء في كتاب «سنة أولى سجن » لمصطفى أمين: «عندما وصلت الى السجن الحربي قادما من سجن المخابرات، وضعوني في زنزانة صغيرة، ثم أحضر الفريق حمزة البسيوني كلبين ضخمين (ميمي وليلى) وتركهما يندفعان نحوي، التف الكلبان بي يمزقان ملابسي وينهشان لحمي، كان ميمي يمتاز بنابيه البارزين اللذين يبقيان خارج فمه اذا أغلقه، وقد علمت فيما بعد أن كلاب حمزة البسيوني كلها مدربة على تمزيق أي انسان بمجرد أن يشير هو اليها أو أحد زبانيته، استمر تعذيبي في السجن الحربي اثنى عشر يوما ليلا ونهارا، وفي اليوم الثاني عشر حملوني ليلا الى مكتب حمزة البسيوني، وجدته في انتظاري مع رئيسه صلاح نصر وبرفقته عدد من الضباط والعسكريين، حيث أمر أحدهم بخلع ملابسي كلها، وأن أقف عاريا تماما أمامه، نهض صلاح نصر وأخذ يديرني ليتفحص آثار التعذيب على جسمي، ثم التفت قائلا: يا حمزة بيه انتو دللتوه كتير. كانت تلك الاشارة منه كافية ليهوي الشاويش الضخم علي بسوط سميك جدا، وضربني بكل قوته ضربة استمرت آلامها في جسدي لمدة عام كامل، وكانت مصدر عذاب أليم شديد لي أثناء نومي، وبعد تلك الضربة قال حمزة البسيوني: لا، حرام.. لا تضربوه، هاتو لاكي».
يتابع مصطفى أمين تسجيل تلك الصفحة المخزية التي استُنسخت من السجون الشيوعية في سيبيريا: «لم أعرف من هو لاكي، وبعد دقائق رأيت أمامي شيئا لم تصدقه عيناي، كلبا هائلا لم أر في حياتي كلبا في مثل حجمه أو بشاعة وجهه، كان في حجم الحمار لكن تجاوزت وحشيته بقية كلاب السجن، اندفع نحوي كالوحش المفترس بإشارة من مدربه، صرخت بفزع ورعب شديدين بكل ما بقي عندي من قوة، وارتميت خلف أحد المقاعد التي يجلس عليها أحد الضباط، هجم الكلب علي فخدش رجل الضابط الذي قفز فزعا وهو يصرخ في الشاويش: طلع الكلب ده برة، وخرج لاكي بعد أن أفزع الجميع بوحشيته المخيفة» انتهى.
هذه التجربة المفزعة عاشها أيضا د.يوسف القرضاوي ومما قاله: «أشكال التعذيب في السجن الحربي كثيرة، ومن أسوئها أن يأمرونا بأن يصفع واحد منا أخاه الجالس بجنبه بشدة ويستمر الصفع، وقد عزّ هذا الأمر على أحد الاخوة وهو محمد جوانحة، فلما أُمر بأن يصفع، وكان هو في أول الطابور، رفض فهجم عليه العسكري بوحشية فاشتبك معه وكان يريد قتل العسكري دفاعا عن انسانية وآدمية المسجونين، ولكننا منعناه خوفا عليه، أرادوا ربطه بالسارية لضربه، فقال اضربوا ما شئتم، سأمسك السارية بيدي لا حاجة للرباط، فضربوه زمنا طويلا حتى تشحّط دمه بكل ناحية دون أن يصرخ، وبلغ الأمر بهم أنهم ذهبوا اليه وهو ساقط على الأرض غارق في دمه، واعتذروا منه وهم يقولون: ما فيش حد ياكل الضرب ده كله ولا يصرخ، ده لازم ولي.
وطلبوا منه السماح! ولما سألناه عن سبب عدم صراخه قال: لم أرغب في تحقيق المتعة لهم من تعذيبي، وكنت أنتظر الموت، وأي شيء أقل من الموت يكون هينا».