فيصل الزامل
يقول الشيخ د.عبدالرحمن السديس إمام وخطيب الحرم المكي: «عندما يكون علي إلقاء خطبة يوم الجمعة أكون قبلها بيومين في حالة استنفار، أرجع الى المراجع في المكتبة وأتحقق مما يرد في الخطبة من توجيهات فهي في هذا المنبر المكي موجهة إلى نطاق واسع من المسلمين، يتجاوز بلاد الحرمين إلى كل مكان، ويشمل توجيه الناس وفق الكتاب والسنة، وأيضا ما يجمع صفوف المسلمين ولا يزيد الفرقة بينهم في زمن كثر فيه الاختلاف وأخذ الحماس من بعض طلبة العلم الشيء الكثير» انتهى.
لقد احتفلت الكويت بزيارة الشيخ الفاضل الذي جمع إلى العلم تواضعه الجم وخلقه الرفيع وأدبه الوافر، وهاهو يضيف إلى ذلك كله يقظته وإحساسه بأهمية الخطاب الإسلامي، فضلا عن أن ينطلق من مكة المكرمة.
لقد انضافت إلى المسيــــرة الدعوية في السنوات الأخيرة كوكـــبة من علماء الوسطية، أمثال ضيـــفنا، والشيخ د.عايض القرنـــي صاحب كتاب «لا تحزن» الذي طبــــعت منه 3.000.000 نسخة وترجـــم إلى 40 لغة، وقد ينال بسبب هذا الكتاب جائزة نوبل للسلام، حسبما يتردد في أوساط المتابعين لها.
هذه الكوكبة نراها في الفضائيات على مدار العام، ومعظمهم من فئة الشباب ممن تحتاج إليهم الأمة للتصدي لمحاولة اختطاف الخطاب الإسلامي، وسبق لي أن أشرت هنا إلى سهولة اختراق صفوف المسلمين، فالأمر بالنسبة لأعداء الأمة لا يتطلب الكثير من الجهد للتشبه بأهل الدعوة سواء في الزي والملابس، أو في الخطابة الرنانة في عواصم عربية فيها جماهير مفجوعة مما تتعرض له هذه الأمة، وهذه الجماهير على استعداد للسير خلف من يستثمر آلامها لتحقيق غايات مشبوهة.
أشخاص مثل عمرو خالد، طارق السويدان، الشقيري، محمد الثويني، ابراهيم الخليفي، نسيبة المطوع، جاسم المطوع... وغيرهم ممن اتجه نحو تطوير السلوك الإنساني وتنمية الروح وزيادة قدرتها على العطاء، من خلال هذه الحملة التوعوية، وهناك من يشارك في دورات تدريبية بتكاليف مالية ليست في مقدور العامة من الناس بينما هي تبذل بالمجان عبر تلك البرامج الإعلامية، وإذا كان الباعث الديني هو المحرك لهؤلاء المتحدثين فإن ذلك لا ينتقصه إذا جاء ليتمم حاجة الدولة إلى رديف يحقق ما لا تحققه الأجهزة البيروقراطية، فالتجاوب مع نداء الاستقامة لا ينصاع إلا للاقتناع النفسي، فتتحقق الاستجابة للإقلاع عن السموم بشكل لا تحققه أدوات أخرى رسمية، ومثل ذلك في ملفات كثيرة: الطلاق، الرشوة، الخلافات المالية...الخ.
إننا أمام ظاهرة عجيبة، أداتها الفضائيات التي سبق أن تخوّف الكثيرون منها في بدايتها، وهاهي تحقق ما لم يكن متخيلا، وهذا يؤكد ان هذه الأدوات لا ذنب لها إذا أسيء استخدامها، ويكمن التحدي في زيادة توظيفها فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض.