فيصل الزامل
عبّر بعض الإخوة الأفاضل النواب عن دعمهم لقرار حل مجلس الأمة فيما لو رأى سمو الأمير اتخاذه، وربما احتاج هذا الأمر الى المزيد من التفصيل، حيث بلغ التذمر من أسلوب العمل السياسي والإداري في الدولة حدا غير مسبوق، بسبب السلطتين ممثلا بالضعف في التعاطي السياسي للحكومة والانتهازية من جانب أعضاء في مجلس الأمة، تم بموجبه تسخير إمكانيات الدولة لمصالح ضيقة ونفعية ما جعل المواطنين في حالة استياء تام يتمنون معه وقف هذا الانحدار، ليس بقرار حل مؤقت تعود بعده الأمور أسوأ مما كانت ولكن بوقفة استراحة لا تقل عن عشر سنوات يتم خلالها العمل على قدم وساق لاستدراك ما عجز هذا البلد عن تحقيقه في عقود متلاحقة من التوتر المستمر بمناسبة وبغير مناسبة، والذي بلغ حدا عبثيا جعل الكويت أضحوكة في المنطقة ومادة للسخرية سواء في الصحافة أو المنتديات العامة.
نعم، اذا كان من حق بعض السياسيين الترحيب بحل مؤقت يأتي بعده بشهرين مجلس آخر يكرر المعاناة التي تجاوز عمرها ثلاثة عقود من الاضطراب واللااستقرار، فان من حقنا أن نعيش عقدا زمنيا واحدا من الإنجازات التي استطعنا تحقيق العديد منها خارج بلادنا وعجزنا عن تحقيق شيء منها داخلها، وفيما يتعلق بالتجاوزات التي يمكن أن تحدث في هذه الفترة فاننا عشنا «بالفعل» تجاوزات بالمليارات حدثت طولا وعرضا بوجود مجالس متعاقبة، شرع بعضها لقوانين المناخ وأثرى من وراء عضويتها العشرات، وكان المال العام هو أداة عدد منهم لشراء الأصوات من مختلف المواقع، في المقابل فإن التحدي الذي ستواجهه السلطة في منع التعدي - في هذه العشر سنوات - يجعل أسلوب الحسم هو الأساس، وإذا كان للعمل واتخاذ القرارات اللازمة في التوقيت الصحيح من أخطاء، كما يحدث في دول المنطقة، فإن كمية الصواب ستخفف من أثر الأخطاء مثلما يحدث عندهم ولهذا نمتدحهم ولا نتحدث عن أخطائهم وهذا أفضل بكثير من الأسلوب الحالي الذي ارتهنته دورة مستندية طويلة لا تحقق الحسم.
لقد ركضت السلطة طويلا وراء من طلبت رضاهم وبذلت في هذا السبيل كل المخالفات، من تجنيس بغير حق، تعيينات جائرة، تجاوز للوائح في العلاج.. الخ، والنتيجة أن السخط لدى السياسيين قد تضاعف، والتحق بقطار الانتفاع من كان مترددا بعد أن كثرت الحوافز «للزعل».
وتدفقت الإغراءات على الجميع، فدخلنا في عصر الاعتصامات والاضرابات، فاذا كان الزعل حاصلا حاصلا في جميع الأحوال فليكن المقابل هو انطلاقة هائلة تنقل الكويت الى مصاف أقرانها، ولتزعل فئة الانتفاع التي ستعارض وقفة العشر سنوات، ثم يتحول الزعل الى الإعجاب كما حدث في دولة خليجية مرت بزعل، فلما رأى الذي زعل ما تحقق في ستة أعوام أثناء زعله، اعتراه صمت مطبق يومين كاملين، فقد تأكد عنده أنه كان السبب في بطء مسيرة بناء بلده.
ان الحل المؤقت مدة شهرين نعود بعده الى حال أشد سوءا عبر نظام حزبي يفرضه توزيع الدوائر الخمس «فرضا» سيضاعف من الخسائر، ويقنن الانحراف، فالتعيينات ستكون حزبية وفئوية صارخة، وسيجد المواطن أن ابنته ترسب في الجامعة وتنجح زميلتها رغم تطابق الحالتين والسبب هو تلك الانتماءات، هذه أمور تحدث الآن في شكل حالات فردية، وستتحول الى حالات جماعية تحت حراسة أحزاب تؤمّن الحماية لهذا الجحيم.
فائدة:
من أقوال العرب:
أمرتكم أمري عند منعرج اللوى
فلم تستبينوا الرشد الا ضحى الغد