فيصل الزامل
تتردد كلمة «الصكوك» في المعاملات المالية كثيرا هذه الايام ما يستلزم تسليط الضوء عليها بشيء من التبسيط، وهي عبارة عن اوراق مالية تصدر مقابل تمويل اصول تمثل الغطاء لتلك الاوراق وفق عقود مالية تغلب فيها عقود الاجارة، التي تعكس ملكية والاقل هي المرابحة وتمثل ديونا، نظرا لحاجتها الى الاصول اتجهت تلك الصكوك الى أكبر المشروعات الانمائية وحولت مسار جزء من الفوائض النقدية التي تشهدها دول الخليج لتمويل تلك المشاريع - في 3 اعوام 37 مليار دولار - بدلا من تركها في اسواق اخرى لا تترك اثرا تنمويا حتى لو سلمت من المخاطر وحققت ارباحا.
يقدر الخبراء ان حجم سوق الصكوك سيصل في عام 2015 الى ثلاثة تريليونات دولار، بمعدل نمو سنوي 110%، وتتميز الصكوك عن الاسهم في ارتباطها بتنفيذ المشاريع، وتقتصر مخاطر الصكوك على قيمة الاصول المرتبطة بها بخلاف السهم المرتبط بسائر عمليات الشركة وادائها، وقد دفعت هذه الميزات الحكومة البريطانية الى الاعلان عن رغبتها في اصدار صكوك اسلامية، وبالمثل اعلن بنك اليابان للتعاون الدولي عزمه اصدار صكوك مماثلة، بل حتى في تكساس تم الاعلان عن تطبيق نظام الصكوك في تمويل المشروعات الاساسية، ويمثل غير المسلمين 80% من مشتري هذه الصكوك، وبالرغم من ان الصكوك معرضة للربح والخسارة، وان حاملها لا يملك ضمانة قطعية بالربحية لا على الاصل او الارباح، الا ان وجود اصول حقيقية في الدفاتر ميزها عن سندات الخزينة كسندات ملكية ذات قيمة اسمية لها تاريخ بداية ونهاية.
لقد تزامن هذا التوجه مع فترة تاريخية بنشأة المشاريع الكبرى سواء في القطاع الصناعي - النفطي (مشاريع البتروكيماويات في الخليج 128 مليار دولار) او في القطاع العقاري الذي احتاج الى استصلاح اراض شاسعة بالبنى التحتية، كما واكب هذا التوجه ارتفاع مداخيل النفط على نحو ما هو معروف، والاهم من ذلك كله هو الحيوية وسرعة حركة القطاع الاهلي في اصدار تلك الصكوك وفق احسن المتطلبات القانونية والفنية، حيث تتأثر تكلفة تنفيذ المشروعات الكبرى بسبب بطء اتخاذ القرار والذي يعود في معظمه الى تنظيم عملية التمويل، حيث ارتفعت تكاليف تنفيذ مشاريع بتروكيماوية خليجية خلال السنوات الثلاث الماضية بنسبة 20% - ارتفعت تكلفة مشروع «بترورابغ» من 4.8 الى10 مليارات دولار - ومثل ذلك يقال عن المرحلة الرابعة لمصفاة الاحمدي.. الخ .
ان قيام شركات متخصصة في هذا السوق - مثل شركة رساميل في الكويت - هو مما يعزز هذه الصناعة، ويدفع باتجاه هدف تحويل الكويت الى مركز مالي اقليمي، ففي الكويت صناعة مالية قديمة نسبيا وخبيرة بالمعاملات المالية في هذا المجال، ما يستلزم المزيد من اهتمام الدولة به تشريعيا واداريا، فهي صناعة دولية يمكن لأي دولة ان تستقطبها بقليل من الحوافز.
كلمة أخيرة:
تتجه قطر الى اصدار صكوك بقيمة 60 مليار دولار لمصلحة مشاريع الطاقة، واصدرت البحرين صكوكا بقيمة 125 مليونا لمصلحة مشروع الدرة، في الكويت تم الاعلان عن تطوير القطاع النفطي بتكلفة 64 مليار دولار، هل نرى حركة سريعة في اصدار صكوك يستثمر فيها الافراد والمؤسسات بدلا من تضخيم اسعار العقار بحجة الاستثمار؟!