فيصل الزامل
تقدم مجلس الامة خطوة مهمة في بداية هذا الشهر باصداره قانون حماية املاك الدولة العقارية وتنظيم المبادرات وحفظ حق اصحاب تلك المبادرات من خلال احتساب نسبة 10% لهم في اي مشروع يقوم على مبادرة مدعومة بدراسة تثبت جدواه ومنافعه ويستخدم ايا من املاك الدولة، هذه الخطوة لا بد من استكمالها بوضع لائحة تنفيذية للقانون تمنع مطاطية التفسير، وفيما يتعلق بحفظ حق صاحب المبادرة الذي قام بدراسة الفكرة وربما نفذها على ارض الواقع على نطاق محدود، لا معنى لابعاده عن التنفيذ عبر طرحها لآخرين يسيطرون بسبب وفرة المال لديهم وتحويله الى مجرد مالك لحصة صغيرة مع بقائه في مقاعد المتفرجين على نشاط هو اعرف الناس بمصاعبه وله تجربة في مواجهة تحدياته وتحقيق فرص النجاح له، بل وحتى حصته الصغيرة ليست مجانية بل سيدفع لها سعرا مخفضا، لقد جرب كثير من الناس تقديم مبادرات الى اجهزة حكومية على امل ان يقوموا هم بتنفيذها، وكانت النتيجة اما مساومتهم للتنازل عن الفكرة مقابل حصة صغيرة في المشروع مع انتقال حقوقهم في المبادرة الى آخرين، او موت الفكرة، واعرف حالة مؤلمة لضابط متقاعد تولى تعريف الادارة الحكومية بالاجهزة الملائمة لتنفيذ فكرة رائدة، طلبوا منه دراسات فقدمها، ثم طلبوا منه ترتيب زيارة الى بريطانيا فحقق لهم ذلك وزاروا مواقع تطبق ذلك النشاط وتحمل في هذا السبيل اكثر من 150 الف دينار سواء للدراسات ورحلات العمل، او لاستضافة وفد الوزارة وترتيب برنامجه الاستطلاعي، والنتيجة «نوموني بالعسل وكلما سألتهم قالوا ندرس الموضوع، حتى انتهوا من ترتيب العلاقة عبر احد المتنفذين والشركة البريطانية باعتبار انهم الوزارة المختصة المفوضة بمخاطبة الشركة التي كانت مهتمة بعقد الصفقة وخرجت صفر اليدين بخسائري المادية ومعاناتي المعنوية».
ان اي دراسة يقدمها صاحب مبادرة الى جهات الاختصاص في الكويت ستجد طريقها - في كثير من الاحيان - الى اياد اخرى تعرف كيف تدير البوصلة باتجاه آخر، وفي الوقت الذي نتحدث فيه نحن عن جهاز حكومي نعتقد انه محل الثقة، والواقع انك تتعامل مع بشر لم يسمعوا يوما بعقوبة نتيجة السطو على افكار ودراسات الآخرين والمؤلم انهم مستمرون في تشجيع الناس على تقديم مبادرات جديدة في حالة «استهبال» لهذا المجتمع واختراق لاجهزته الرسمية، والسرقة ليست بالضرورة ان تكون عدا ونقدا، كما حدث مع صاحبنا الذي سرقوا منه جهودا قيمتها 150 الف دينار.
ان خبرة اصحاب المبادرات في اروقة الدولة لا تقارن بخبرة العاملين بالاجهزة الحكومية ما يتطلب من الشرفاء في تلك الاجهزة حماية الشخص المبادر الذي يتحمل ديونا وينفق عمرا من اجل تحقيق نجاح يفيده ويفيد وطنه.
كلمة أخيرة:
قبل سنين عديدة، ايام التثمينات، راجعت سيدة مسنة بلدية الكويت وسألت عن قصة بيتها الذي يراجعها عليه احد وسطاء العقار ويقدم لها كل يوم سعرا افضل من الامس، بحث المسؤول ثم اخبرها:
«حجية، لا تبيعين بيتك، ترى عليه تثمين»، اننا نعتقد انه لا يزال هناك مثل ذلك المسؤول الشريف الذي لا يتواطأ و«يتخادن» بالافادة من موقعه لسرقة جهود او ممتلكات الناس، آمالنا معقودة على هؤلاء.