فيصل الزامل
من اغرب الاعلانات، تلك التي تغري وتشجع الناس للحصول على البطاقة الخضراء للاقامة الدائمة في الولايات المتحدة وتقفز اليك «مبروك انت فزت في السحب، احصل على بطاقتك الخضراء في الولايات المتحدة» وكأنه سحب على جوائز السوق التجاري ودعايات البنوك لاستقطاب المودعين، وهو أمر يدعو الى التأمل، ففي كندا والولايات المتحدة تكون العلاقة بين المواطن او المقيم والدولة مبنية على اساس دفع الضريبة، وهو بالتالي يمثل احد اهم مصادر الدخل الرئيسي للدولة، بالاضافة الى انها بلاد شاسعة وتحتاج الى الكثافة السكانية لاعمارها، فمساحة الولايات المتحدة تساوي ثلاثة اضعاف مساحة الهند وعدد سكانها يعادل ثلث سكان الهند، وللمزيد من الوضوح، فان الحصول على الجنسية في الكويت لا يعني شيئا في وارد الضرائب لحاملها، على العكس، وهي بلاد صغيرة المساحة الجغرافية، ما يجعل فتح باب التجنيس فيها عملا لا يتفق مع المعطيات الاقتصادية او المتطلبات العمرانية، حيث يتضاعف الضغط على الخدمات العامة التي تشكو اصلا من عجزها عن العمل بالمستوى اللائق لسكان الكويت التي لم تكن حتى خمسين عاما جاذبة للهجرة بل كان اهلها يعانون شظف العيش بصمت ويستقبلون قطرات المطر بأدوات تسكبها في «بركة ماء» وسط البيت بينما الانهار تتدفق في العراق، ومع ذلك يدفعون المال رغم فقرهم للحصول على قطرات من مياه تتجه الى البحر!
ان الواقع الذي تعيشه الكويت في موضوع التجنيس يتعلق بحاجة المقيمين للوصول الى الخدمات العامة بشكل ميسور لا يقتصر على من يحمل الجنسية مثل شراء شقة يتم تسجيلها باسم شخص كويتي والحصول على اقامة بغير كفيل سواء باعتبار عقد العمل كافيا كأساس للاقامة او غير ذلك من التنظيمات المعروفة في انحاء العالم، ومثل ذلك يقال عن العلاج والتعليم عبر تطوير خدمات التأمين ليحصل المشترك فيها على ارقى الخدمات ليس بسبب حمله للجنسية ولكن لحمله بوليصة تأمين، ومع اشتداد المنافسة بين شركات التأمين تتوافر تلك البوليصة بأسعار مغرية باشتراك عدد كبير من الناس ما يجعلها خدمة مجزية حتى للشركات الاقدر على استقطاب الناس مثلما يحدث في بيع بقية السلع والخدمات، فهناك الافضل والاضعف، والبقاء للاصلح.
لقد اخذت «دبي» مسارا فيما يتعلق بالضرائب يحصل بموجبه من يدفعها من المقيمين على امتيازات لا يحتاج معها الى الحصول على الجنسية، وربما كانت دبي لاتزال في اول الطريق ولكنها سبقت دول الخليج فانتقلت الى دنيا الضرائب واستعدت لعصر ما بعد النفط، وقد تحتاج تجربتها الى تقويم ومراجعة ولكنها مسيرة حتمية لجميع دول المنطقة مهما طال الزمن، الفارق انه بنفاد النفط قد يستمر وضع دبي الاقتصادي بغير اضطراب جوهري بالنظر الى تأقلم السكان من مواطنين ومقيمين مع النظام اخذا وعطاء في حين سيشهد غيرها نزوحا جماعيا بانخفاض «الاخذ» وهو امر كفيل بارباك البنية الاقتصادية بشكل جوهري لتلك الدول.
كلمة أخيرة:
احد الزملاء انتقد اجراءات القضاء في قضية التأبين، ثم انتقل الى التأليب على الاتجاه الاسلامي على طريقة «وينكم عن هذيله» رغم انه قد تم التحقيق مع بعض «هذيله» قبل سنوات قليلة ونالتهم ممارسات ورثت من ايام الاحتلال ومع ذلك لم يحرك احد ساكنا على تعليق بعضهم بالمراوح وآثار الضرب لاتزال باقية على اجساد بعضهم، في حين نشهد هذه الايام تحقيقات راقية بشهادة من تمت معهم، نتمنى الا نفقد الاتزان - جميعنا - في هذه المواقف!