فيصل الزامل
ويستمر المسلسل الممل، انتخابات يسمونها عرسا - رغم انه بدأ كمأتم في موضوع التأبين! - وحفل افتتاح يتم قبله بيومين توزيع أسماء الوزراء المطلوب استجوابهم، بعد ان ثبت ان هذه هي الطريقة الأسرع للنجومية وفرض مطالب في التشكيل الوزاري، ومثلما رأينا قبل أيام تهديدا بالاستجواب اذا فعلت الحكومة كذا، يقابله تهديد مماثل اذا لم تفعل كذا، في الموضوع نفسه، واذا كان التفاؤل مطلوبا فإن الواقعية ايضا مطلوبة، فنحن نعيش في دوامة بسبب الآلية التي فرضت علينا والمطبقة في بقية التجارب العربية - الثلث المعطل - حيث لا ديموقراطية ولا يحزنون.
أتمنى أن يتم إحصاء معاناة المؤسسات الحكومية التي أصيبت بالشلل بسبب ملاحقة بعض النواب لنشاطاتها ليس بهدف الإصلاح، حيث تغيرت الادارة عدة مرات في اكثر من مؤسسة ولكن الملاحقة لم تتوقف بسبب مطالب شخصية يتم تغليفها بكلام مرسل لا أساس له، واذا اتصلوا به وطلبوا بياناته للتحقق من اتهاماته ضحك وأقفل السماعة!
اليوم نحن أمام مرحلة انتقالية من الابتزاز لصالح «شخص» واحد إلى مجموعة أو كتلة، حيث لا مجال لنجاح مرشح بمفرده في نظام الدوائر الخمس، ما يجعل نظام الأحزاب حقيقة واقعة وليس لمطالب الأحزاب سقف تتوقف عنده، انظر إن شئت الى البحرين، حيث أدى وجود 17 نائبا من مجموعة واحدة «الوفاق» الى ايقاف عمل البرلمان لعدة اسابيع، لقد فتح نظام الأحزاب موضوع العلاقات بالخارج على مصراعيه، ولن نستغرب اذا ما اصبحت قضية «البوليساريو» مسألة كويتية محلية، هذا هو حال المجموعات العرقية في أوروبا التي تثير قضايا الأكراد في تركيا تحت قبة البرلمان الهولندي، الخ، وسنصل الى هذه المرحلة بسرعة اكبر مما نتصور، ومن يستبعد ذلك فعليه ان يتذكر حكاية فتح باب تراخيص الصحف حينما ردد البعض عبارات «نظرية» فلما تزايد تبادل الشتائم والضرب في عمق النسيج الاجتماعي سمعناه يردد عبارات الندم «ولات ساعة مندم».
مشكلة الأحزاب تكمن في خضوع الرأي السديد لأجندة غريبة تقوم على مشاعر الاستكبار والرغبة الشديدة في التطاحن ولو اقتضى الأمر حسم الأمور بالضرب وحتى الاغتيال كما يحدث في بعض دول المنطقة، في هذه الأجواء لا يملك العقلاء الا الانزواء، والاستسلام للانحدار المتسارع الى الهاوية، وبالنسبة لنا في الكويت فإن الآلية النيابية مطلوبة ولكن بغير انفلات يحولها الى غرض وهدف بحد ذاته يتم اهدار كل شيء لأجله، في حين اننا نراها احدى وسائل ادارة الدولة، ليس لها ان تتجاوز دورها على النحو الذي رأيناه في تجاربنا القريبة.
كلمة أخيرة:
ترشيد العمل الصحافي مطلب كبير، ولابد من تطوير آلية «الآيزو» التي سبق لنا الحديث عنها، فهذه الأداة يمكن ان تكون مدمرة إذا لم تواكبها معايير مهنية عالية توجه جماهير القراء الى أفضلها اداء.