فيصل الزامل
خريجو الثانويات يتناثرون اليوم بين دول الخليج وعدد من الدول العربية، ممن لم يسمح معدلهم الدراسي لهم بالالتحاق بالجامعات المحلية، ولا بالكليات التطبيقية، اعدادهم في تزايد سريع، ومثلهم طلبة ما بعد الجامعة من الموظفين الراغبين في متابعة تحصيلهم العلمي، يسكنون في شقق هنا وهناك بمجموعات، وبالطبع تظهر بينهم ممارسات سلبية مثل لجوء بعضهم الى كليات تجارية أو مكاتب تقوم بالدراسة نيابة عنهم، ويكتفون بقضاء أوقات في اللهو بعيدا عن اي التزام اجتماعي في سن بالغة الحساسية.
انه نزيف مؤلم في أهم ثروة نمتلكها، ماذا تتوقع من اشخاص سيقودون هذا البلد في السنوات القليلة المقبلة، وسيتحدثون وهم في مراكز متعددة - نواب، مدراء، وكلاء - عن ايام الدراسة والغش في الامتحانات وعم عبده الذي كان يجهز لنا كل شيء ونقوم نحن بتسليم البحوث، بل يتندرون باستخدامهم فلانا لتخليص المعاملات وفلانا لقيادة السيارة، الاهل يحولون لهم الاموال من وطن يصرف بلا حساب على الرعاية الاجتماعية، ويقاوم اقامة المشاريع التنموية حتى اصبحت الكويت في مرتبة بنغلاديش في الرعاية الصحية حسبما نشر قبل يومين في تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية.
وحتى لا نتكلم بلهجة محبطة، فإننا نناشد وزارة التعليم العالي عدم الاكتفاء بمنع الاعتراف بالكليات التجارية في دول المنطقة، وفتح الباب للمزيد من الكليات والجامعات الخاصة، فإن تشديد الرقابة على المؤسسات التعليمية الاهلية المحلية أيسر من متابعة من هم في الخارج، وقد شاركت شخصيا في الاعداد لتأسيس جامعة طبية اهلية في الكويت، على الاساس اللاربحي، وبعد الدراسة التي أشرف عليها فريق من الاكاديميين الكويتيين مع احد اشهر مكاتب التدقيق بالاضافة الى اربع جامعات اجنبية عالمية في عدة تخصصات طبية، وبعد سنتين من المتابعة الحثيثة وتوفير الاموال اللازمة لإنشاء الجامعة، فإن المشروع لم ير النور، رغم الحاجة المتزايدة، الامر الذي لم يوهن عزائم القائمين عليه كونه يأخذ بعدا جديدا في العمل التطوعي في آفاق تعليمية متخصصة، وسيكون مؤلما لنا ان نتمكن من انشاء جامعة في قرقيزيا - عمرها خمس سنوات - تضم مختلف التخصصات، وتتمتع بثلاثة مبان راقية وتقدير كبير من الحكومة هناك بسبب المستوى الدراسي الرفيع فيها الى الحد الذي ينقل فيه بعض الوزراء ابناءه اليها، ومع ذلك لا نتمكن من عمل شيء مماثل في الكويت.
كلمة أخيرة:
تحول رفض السماح بإقامة الجامعة المفتوحة الى موافقة بعد تدخل من الامير طلال بن عبدالعزيز، قبل سنوات قليلة، وها هي اليوم تعمل وتغطي شريحة من حاجة التعليم الجامعي، ان الرقابة على هذه الجامعات وهي بين ظهرانينا ايسر من ترك الطلبة يتبعثرون في دول كثيرة، ويكونون فريسة لتجار التعليم، وغير التعليم.