فيصل الزامل
نقلت جريدة القبس يوم الجمعة الماضي عن بعض الصحف الإيرانية مقتطفات كثيرة، منها ما نشرته مجلة «الشهاب» وجاء فيه: «أعلنت وزارة الدفاع العراقية بشكل رسمي وعبر أشرطة مصورة أن معظم الأسلحة التي عثرت عليها مع الإرهابيين والجماعات المسلحة هي أسلحة ومتفجرات ايرانية »، تتابع المجلة قائلة: «وقد اعترفت أجهزة إعلامية إيرانية بأن المعارضين لإيران هم في غالبيتهم من الشيعة العراقيين الذين لا يتردد كثير منهم في رفع لافتات مثل «الإيرانيون أسوأ من القاعدة والأميركان ».. وغيرها، وامتد السخط الى جماعات كانت حليفة لطهران مثل جماعة مقتدى الصدر وحتى جماعة عبدالعزيز الحكيم، وقد رفضت السلطات العراقية طرد «مجاهدي خلق» العدو التقليدي لإيران ولم تقبل توقيع اتفاقية أمنية مع ايران على خلفية الأدلة المتزايدة حول وقوف طهران وراء التفجيرات والاغتيالات بهدف إرباك أميركا وشغلها بالساحة العراقية» انتهى.
الموضوع لا يتعلق بـ «هذرلوجيا» في مواقع الكترونية، هناك نهر دم يهدر في العراق يوميا هو بالنسبة للبعض في إيران مجرد حرب وقائية مادتها لحوم بضعة ملايين من المدنيين من العراقيين الشيعة والسنة على حد سواء، وبينما يتألم العالم من المشاهدة المأساوية اليومية على شاشات التلفزة فإن طهران لا تعبأ بشيء سوى حسابات خاطئة خارج إيران، بل حتى داخلها، فقد نشرت صحيفة «أمروز» تصريحا للرئيس أحمدي نجاد قال فيه «لقد انخفض معدل التضخم الى12% فقط !» تقول الصحيفة «وبعد انتهائه من الخطاب بساعات قليلة أعلن البنك المركزي أن الرقم الحقيقي لمعدل التضخم في ايران هو 29% وليس 12%».
لقد مارست الدولة - قبل الثورة الإسلامية - سياسات تمييز سواء في عهد الشاه ووالده أو حتى في عهد الشاه ناصر الدين القاجار الذي استعان بالهنود للعبث بالتركيبة السكانية في المناطق العربية والآذرية والبلوشية مستخدما طريقة ستالين لصهر القوميات ثم مارس الشاه محمد رضا نفس الأسلوب الاستيطاني الذي يطبقه اليهود في فلسطين، ففي عام 1961 استولت الدولة على 7960 هكتارا من أجود الأراضي الأهوازية ومنحتها لشركات أميركية مع مستثمرين هنود «زرادشت» وبعض الإيرانيين لإقامة مشروع قصب سكر وبعض منتجات زراعية أخرى على حساب القرى العربية هناك بغير أي مشاركة لهم أوتعويض عن أراضيهم التي يتدفق منها النفط الغزير دون أن ينالهم من خيراته شيء يذكر، رافق ذلك برنامج استيطاني تم بموجبه نقل الآلاف من قرى في الشمال للإقامة في القرى الجديدة التي أنشئت هناك، هذا الأسلوب لم يتوقف مع مجيء حكم اسلامي يهتدي بالشريعة الاسلامية، بل تم التوسع في الاستيطان.
- ارتفع حجم الأراضي المستقطعة من 7960 الى 190000 هكتار أخذت من القرى العربية بغير حق - وقد كشفت وثيقة سرية في عام 1997 أن عملية التطهير العرقي هي سياسة ثابتة لدى النظام هناك،حيث نشرت الصحافة الايرانية صورة ضوئية عن وثيقة موجهة الى الرئيس خاتمي من مكتب الرئاسة بتوقيع رئيس المكتب «أبطحي» ولاأزال احتفظ بصورة عنها، قالت صحيفة «روز- النهار»: «التمييز ضد أهل السنة يقوم على تشويه المفاهيم، فبالرغم من أن نفوس أهل السنة تتراوح بين 20 و25% من مجموع السكان الا أن هؤلاء محرومون من أبسط الحقوق فليست لهم في العديد من المدن مدارس ولا أماكن للعبادة ويمنع تسليم أي منهم حتى المسؤولية الإدارية، وقد تم استبعادهم من الحكومة التي شاركوا فيها في عهد خاتمي فقط بوزير واحد، حيث قرر النظام التراجع بسرعة عن هذه الخطوة بل فكك تمثيلهم النسبي داخل مجلس الشورى».
لقد تحدثت في مقالة الأمس عن الصورة التي رسمتها إيران لنفسها في الشارع العربي، ومن العدل أن تطبق طهران على مواطنيها ما تطلب من غيرها أن يفعله، فقد قيل «إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة».
كلمة أخيرة:
اللغتان العربية والفارسية بينهما علاقة توأمة حميمة جدا، ويحسب للعهد الحالي عنايته بهذه العلاقة، ومن أمثلة تنقل الكلمات بين اللغتين كلمة «دروازة» التي شرح لي صديق إيراني يجيد العربية أن أصلها «دارواسعة» غير أنها ارتحلت عبر الزمن ورجعت إلينا «دروازة».