فيصل الزامل
جاء في ندوة عن انتشار الاسلام في أوربا أنه في كل يوم يدخل 35 شخصا أوربيا في الدين الاسلامي، وأن معظمهم من الفئة عالية التعليم، وهي مسألة تتطلب وقفة تأمل بالنظر الى أن الحملة التي تلت أحداث سبتمبر 2001 والتي استهدفت في كثير من الأحيان الدين الاسلامي نفسه وليس المسلمين فقط، ولمع فيها كثير من الخطباء والكتاب في الغرب ومع ذلك فقد جاءت النتيجة معاكسة تماما بازدياد قبول المجتمع الغربي للدين الاسلامي، ففي الدنمارك التي أعادت صحفها نشر الرسوم المسيئة للدين الاسلامي أكدت صحيفة «بوليتيكن» أنه «يعتقد أنه في كل يوم يدخل شخص دنماركي جديد في الاسلام «كما شهدت مكتبات أمستردام اقبالا شديدا على شراء المصاحف الالكترونية المترجمة، وفي بريطانيا ألغت الحكومة مصطلح الارهاب الاسلامي واستبدلته بالعنف كما كان عليه الحال في السابق عند الاشارة الى نوع محدد من الجريمة «قبل تنميطها» اثر أحداث سبتمبر 2001، الى جانب التغييرات التشريعية التي شهدتها القوانين البريطانية بشأن الارث والاعتراف بتعدد الزوجات بالنسبة للمسلمين.
هذا التنميط و«الاسلام فوبيا» شهدنا لهما مثيلا في البلاد العربية لأكثر من ثلاثة عقود في حملات تركزت على التيار الديني سواء من قبل بعض الأنظمة البوليسية أو عدد من الكتاب الصحافيين الذين لم يتعبوا من التعريض بالتيار الاسلامي لعشرات السنين، والنتيجة هي ازدياد اقبال الشباب العربي على هذا التيار في الكم والنوع، عبر كل فرصة انتخابية، وما تعرضه الفضائيات من شخصيات شابة تلتف حولها الجماهير بشكل مكثف ما يؤكد أن تلك الحملات قد حققت أثرا قويا، ولكن في الاتجاه المضاد، ومن المفيد في هذا السياق أن نسجل ما يلي:
اتجه التيار الديني في البلاد العربية الى الخدمات الاجتماعية التي لا تستطيع أحيانا الجهات الرسمية منفردة التعامل معها، مثل مواجهة مشكلة الادمان ومكافحة ارتفاع نسب الطلاق وابعاد المراهقين عن أنواع الانحراف عبر أنشطة شبابية مأمونة.
(ملاحظة: أعلن معهد غالوب الأميركي لأبحاث الرأي أنه بعد دراسة شملت 40 بلدا اسلاميا واستغرق اعدادها ست سنوات، ما يلي: «الاسلام لا يعني التطرف، وان 93% من مسلمي العالم هم معتدلون، و7% فقط متشددون»).
لدى التيار الاسلامي قابلية للتفاعل مع المجتمع المدني المعاصر، سواء القطاعات المصرفية أو الميادين العلمية والإعلامية، الأمر الذي يعني أنه أكثر انفتاحا مما يعتقد البعض، وهو ما تشهد به تجارب غربية لكبرى المؤسسات المالية والتربوية والجامعية في الدول المتقدمة (في الكويت تصدرت مدارس النجاة قائمة الخمسين الأوائل للعام الماضي بواقع 15 شخصا من 50، اضافة الى المركز الأول على الكويت، أي بنسبة 30% من عموم مدارس التعليم العام والخاص، تبلغ نسبة الطلبة الكويتيين فيها 60%).
تم اتهام العمل الخيري بتمويل الارهاب منذ سبتمبر 2001 وبعد مرور سبع سنوات من الرقابة الصارمة على حركة التبرعات فإن استمرار تمويل الارهاب ببلايين الدولارات يؤكد أن أطرافا أخرى تقف وراء هذا التمويل، ألا يدعو ذلك الى وقفة مراجعة لتلك التهمة؟ ومن ثم إعادة الاعتبار للعمل الخيري وإفساح المجال له لممارسة دوره؟!
ليس مطلوبا من تلك الحملات الاعلامية التوقف عن مهاجمة التيار الديني، بعد أن ثبتت منافعها اللامحدودة، المطلوب من التيار الديني هو زيادة الثقة بنفسه، وسد الثغرات واستدراك الأخطاء وتصحيح المفاهيم الخاطئة، فقد كان له دور كبير في الحد من تلاعب استخبارات دولية بأفراد كثيرين تم تجنيدهم لمخططات الترويع والارهاب، ونجا من نجا بفضل الله، ثم بجهود تصحيح المفاهيم، «شكرا» كبيرة من بيوت كثيرة حفظتم لها أبناءها، بحفظ الله العلي القدير.
كلمة أخيرة:
قلع عمر بيده ميزابا ـ للمطر ـ بارزا من بيت العباس رضي الله عنهما، فقال له: «والذي بعث محمدا بالحق انه هو الذي وضع هذا الميزاب في هذا المكان، فنزعته أنت يا عمر!» فقال عمر: «فأنا أعزم عليك إلا ما صعدت علي حتى تعيده حيث كان»، وخفض عنقه ليصعد على كتفه، ففعل العباس ( رضي الله عنه ).