فيصل الزامل
أتفق مع ما جاء في افتتاحية جريدة الراي يوم الجمعة الماضي حول ضرورة تقييم أداء الحكومة بالموازاة مع النقد الجاري لأداء عدد من النواب في مجلس الأمة، وبعد أن أكدت الجريدة على اشارات الخطاب السامي حول التجاوزات الإعلامية و«توظيف حرية التعبير لغايات قصيرة ومصالح ضيقة» سجلت عددا من الملاحظات على الحكومات السابقة وأبرزها:
-
«حكومات تضحي بمن يدافع عن سياستها كما حدث في مشروع الداو، وتتراجع عن مشاريع اعتمدتها مثل المصفاة الرابعة بمجرد أن يعترض شخص أو اثنان من النواب الذين يسعون في كل مناسبة لإثبات عجزها فتحقق لهم مطلبهم بكل رخاوة».
-
«حكومة يحرض فيها وزيران النواب ضد زميلهما ويخرقان مبدأ التضامن الوزاري».
-
«حكومة تقول للوزير «طول ما شغلك صح اطلع وناقش ولا تخاف من الاستجواب» ثم تحرم وزيرا مثل د.عبدالله المعتوق من ممارسة حقه في الدفاع عن أداء وزارته مع التزامه بالاستقالة بعد بيان سلامة موقف الوزارة ونظافته من اتهامات ظالمة، وامتلاكه لمستندات تدين من استجوبه، ومع ذلك أقيل وعاد الى بيته متألما من نكوص الحكومة عن وعدها «.... اطلع وناقش» انتهى.
مناسبة هذا الحديث هي تشكيل وزاري جديد مرتقب قد تتغير فيه بعض الأسماء، ومن المؤلم ألا يتغير فيه الأسلوب السابق القائم على نفسية الذعر الشديد ومسلسل التراجع عن القرارات والاتفاقات المبرمة الذي مس بكرامة الوطن وسمعته المالية التي وصلت الى تخفيض التصنيف الائتماني للكويت.
لقد كانت مواقف معظم السادة والسيدات الوزراء تتصف بالشجاعة والقدرة الفائقة على تحمل المسؤولية، ولكنها الأجواء السياسية الفاسدة التي أشاعها أفراد قلائل، واستجابت لهم قلة «مؤثرة» من داخل الحكومة ارتكز تأثيرهم على تعزيز الهلع في أروقة مجلس الوزراء، ما أدى الى تطويع الدولة بأسرها ووضعها تحت تصرف بضعة نواب سيحاسبهم التاريخ، وليس ناخبوهم الذين استفادوا من تلك التجاوزات، مثل حكاية 1000 سكرتير، هل يعقل أن يحاسب أحد من هؤلاء الألف نائبا وفر له وظيفتين في وقت واحد؟ في صورة من أبشع صور استغلال المنصب النيابي، من جانب آخر، تتحمل الصحافة الشق الأهم من المسؤولية حيث امتهن بعضها تخويف الحكومة بالمانشيتات والصور واللقطات الموجهة، الأمر الذي لا يمكن معه الحكم على الضحية المختطفة ـ الحكومة ـ وإدانة ضعفها بغير أن يمتد الحكم الى الخاطف، بما في ذلك كشف الأدوات التي استخدمها في تنفيذ تلك الفعلة.
ما يريده المواطنون هو حكومة قوية لا تخشى المحاسبة ولا تخضع للابتزاز وتأخذ بسياسة الراحل الكبير الشيخ جابر الأحمد - يرحمه الله - حينما رفض الاستجابة لمطالب خاطفي طائرة «الجابرية» قائلا «نعتبرها سقطت في البحر» ولولا هذا القرار الشجاع لتكررت جرائم خطف الطائرات الكويتية عشرات المرات، الشيء نفسه يقال عن حكومة شجاعة بكل مكوناتها تضع حدا لتلك التصرفات اللامسؤولة والتي شجعها مسلسل التراجعات المهينة.
كلمة أخيرة:
رأى عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) في السوق إبلا سمانا فلما سأل عنها قيل له: هذه إبل عبدالله بن عمر فانتفض قائلا «عبدالله بن عمر؟» وأرسل في طلبه وسأله عنها فقال: «انها إبل أنضاء - هزيلة - اشتريتها بمالي وبعثت بها الى الحمى أتاجر فيها وابتغي ما يبتغي الناس» فقال عمر «.. ويقول الناس حين يرونها اسقوا إبل أمير المؤمنين ارعوا إبل أمير المؤمنين وهكذا تسمن إبلك ويربو ربحك يابن أمير المؤمنين» ثم قال له «يا عبدالله بن عمر، خذ رأس مالك الذي دفعته في هذه الإبل واجعل الربح في بيت مال المسلمين» كان اعتراضه على استعمال أرض الحمى لتسمين ابل ابن الخليفة.