فيصل الزامل
اعتذر أحد الموظفين عن المشاركة في الإعداد لمؤتمر تنظمه جهة عمله في إحدى الوزارات، فاستدعاه المسؤول وسأله عن السبب فقال: «ستنشغل إدارتنا كلها في التحضير لهذا المؤتمر، ويقتصر الجمهور المشارك فيه على موظفي الوزارة فقط وقد تكرر هذا الأمر كثيرا، لا معنى لصرف مائة ألف دينار بهذا الشكل غير المفيد لأهداف العمل تماما، ولو أنفقنا هذا المبلغ على مدار العام لتدعيم أعمال الإدارة لحققنا نتائج أفضل».
وافق المسؤول على رأي الموظف، بل وصفق إعجابا، فلما سأله الموظف: «هل يمكنك نقل رأيي الى المدير؟».
قال: لا.
قال: «إذن اتركني أنفذ خطة الإدارة التي كلفتموني بها، هذا عملي الأساسي وتستفيدون أكثر من إنتاجي بمتابعتي عملي الأساسي، وهو أفضل من زيادة شخص في عدد الحضور لهذا المؤتمر» انتهى.
أذكر أنني شاركت قبل سنوات قليلة في مؤتمرين باليوم نفسه، الأول بدأ في التاسعة صباحا ولم يتجاوز عدد الحضور الصف الأول رغم ضخامة القاعة، وبعد الافتتاح غاب الجميع تقريبا، رغم التكاليف الباهظة لاستئجار قاعة فخمة في فندق خمس نجوم ووجبات طعام وبوفيه للاستراحة..الخ، وفي الساعة الثالثة ظهرا من اليوم نفسه شاركت في دورة تدريبية كانت قد بدأت أيضا في الصباح، وطلب مني المشاركة فيها بفقرة عن البنوك الإسلامية في الساعة الثالثة ظهرا، كانت القاعة مليئة عن آخرها رغم الوقت المتأخر نسبيا، ورغم أن الحاضرين قد دفعوا مبالغ مالية للمشاركة في تلك الدورة، بينما كان مؤتمر الصباح «المجاني» شبه خال من المشاركين، علما ان موضوعه يهم شريحة كبيرة، ويتعلق بتمويلات البنك الإسلامي للتنمية الموجهة للقطاع الخاص، وسبقه توجيه دعوات كثيرة عبر غرفة التجارة وإعلانات مدفوعة الثمن..ولكن!
ليس المطلوب إيقاف نشاط المؤتمرات والندوات المتخصصة في الكويت، فهناك حاجة لهذه الأنشطة العلمية التي تتم فيها مناقشة أبحاث قيمة سواء في المجال الطبي أو البيئة أو الاقتصاد، المشكلة هي في قدرة المنظمين على الوصول الى الشريحة المستهدفة على نحو ما تفعله الدورات التدريبية التي يتم فيها توضيح الفوائد التي تعود على المشارك وتفيده في مجال عمله، وهو ما تشرحه مطبوعات متقنة تحمل أسئلة تنشط ذهن القارئ المستهدف وتحثه على الاستجابة، وبالتالي تكون النتيجة هي كثافة في الحضور الذي يتفاعل مع مادة المؤتمر وتزداد بعده معلوماته كما ونوعا، والأهم من ذلك هو التواصل مع بقية الحضور من نفس تخصصه على نحو ما يحدث في العالم المتقدم.
كلمة أخيرة:
خطب عمر ( رضي الله عنه ) يوما، ومن كلامه: «...ألا إنه لن يبعد من رزق الله، ولن يقرب من أجل، أن يقول المرء حقا، وأن يذكر بأمر جلل».