اعتبر حامد أبوزيد تعامل الولايات المتحدة مع د.طارق رمضان حضاريا حينما تراجعت عن منحه التأشيرة وبينت له أسباب ذلك التراجع، ولو تابع البحث قليلا لوجد أن الشيخ عمر عبدالرحمن مسجون هناك منذ 1995 في قضية رأي، ولم توجه له أي تهمة تتعلق بمشاركته في أي عمل إرهابي، ومع ذلك فهو مسجون هناك مدى الحياة، وممنوع من الاتصال بأي من أقاربه، حيث تم رفض منحهم تأشيرة دخول لرؤيته، وعندما قامت محاميته «لين ستيوارت» بنقل رسائل منه لأسرته صدر ضدها حكم بالسجن 28 شهرا رغم أن عمرها 70 سنة، السبب في هذا التشدد هو أن عمر عبدالرحمن تراجع عن تأييده لمبادرة الجماعة الإسلامية في مصر لوقف العنف - أي أنه دعمها في السابق - ولك أن تتصور سجينا هذه ظروفه وتلك قسوة التعامل معه، ماذا تتوقع منه؟! وبالنهاية هي قضية رأي يؤدي مجرد نقله الى سجن المحامية الأميركية، فضلا عن التنكيل بالسجين، رغم أن المحاكم المصرية نظرت في 8 دعاوى مرفوعة ضده انتهت جميعها ببراءته مما نسب اليه، وذلك قبل القاء القبض عليه وايداعه في سجن أميركي انفرادي منذ 1995.
الكاتب حامد أبوزيد لم يسجن لا في مصر ولا في الكويت، ولهذا فإن الكويت لا تستحق منه تعبيرات «قرار منعي تحت جزمتي» و«المعارضين لحضوري هم كلاب حراسة»، فهؤلاء المعارضون متفقون مع ما انتهت اليه محاكم مصرية متخصصة عام 1996 انتهت الى أنك:
- - تستحل فعل المحرمات المقطوع بحرمتها... «قبل أسبوعين كان معنا مترجم في ألمانيا، قال ان ابنته طلبت الانتقال الى شقة مستقلة تلتقي فيها بمن تشاء، وهو بحكم القانون ملزم بدفع أجرة الشقة ومصروفها الشهري...هناك»!
- - أنت تصف القرآن الكريم بأنه نص إنساني أقرب إلى الشعر – كما جاء في الحكم – وأنه نتاج معيشة أهل المنطقة التي عرف بها – مكة المكرمة - وتنفي عنه صفة الألوهية والقدسية، أما حقك في التعبير فهو مقدس لا يجوز لمن يعارضونك أن يتخذوا موقفا منه، وإلا فهم «كلاب حراسة»!
- - تعريضك بالأحاديث النبوية الشريفة والاستهزاء بها، ولم تمنحها حقك في التعبير الذي تطالب غيرك باحترامه.
لقد جاء رد فعل ابوزيد المتشنج ليزيد من طمأنة الكويت الى سلامة قرار إبعاده، وعلى المتحمسين لمجيئه التريث فليست الجرأة هي المعيار الأوحد، فهناك جريئون كثر يصولون ويجولون في المنطقة، يفجرون الأجساد والعقول والدول، ومع ذلك فنحن ندينهم كإرهابيين قتلة، فلماذا تكون الجرأة على الأخلاق والدين شجاعة؟! ولماذا يجرم سجين الرأي في الولايات المتحدة رغم أدبه، ودعمه لوقف الإرهاب، ويفخم من يستخدم الشتيمة في خطابه؟! ان تحرير الخطاب الديني من اختطاف التطرف وإسباغ صفة الألوهية على بشر يتسترون بذلك الخطاب شيء، واستباحة المحرمات والحط من قدر القرآن الكريم الذي توقره أرقى معامل الفكر المعاصر بل في كل العصور، شيء آخر، ومن يخلط بين الاصطفاف السياسي والواجب الديني ينزلق إلى حفرة ضيقة قد لا يسلم من أذاها (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
كلمة أخيرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أكثر من سواد قوم فهو منهم، ومن رضي فعل قوم فهو شريكهم».