فارس السبيعي
في الثاني عشر من مارس عام 2006 احتفلت شركة «دوبال» (ألمنيوم دبي) باليوبيل الفضي لانطلاق برنامج اقتراحات الموظفين، وقد بلغ عدد الاقتراحات المقدمة من الموظفين منذ انطلاقة البرنامج نحو 8105 اقتراحات بمتوسط مشاركة للموظفين بلغ 96%، وأثمرت الاقتراحات ادخارات بلغت 48.86 مليون درهم كما بلغت قيمة الجوائز الذهبية التي قدمت لأصحاب الاقتراحات الفائزة خلال عام 2005 فقط 61623 درهما، وتعتبر شركة دوبال أول شركة إماراتية تطبق البرنامج وذلك في عام 1981.
في الكويت ما لا يقل عن ست عشرة وزارة والكثير من الهيئات الرسمية المستقلة والشركات المملوكة للدولة وأعداد الموظفين في تلك الهيئات والمؤسسات والشركات يلامس مئات الألوف، والسؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو: كم وزارة أو هيئة أو شركة طرحت برنامج اقتراحات الموظفين؟ وما قيمة الجوائز المرصودة للاقتراحات الفائزة؟ وهل تمت الاستفادة من تلك الاقتراحات في تطوير العمل؟
القليل جدا يعلن عن برنامج الاقتراحات لأن الاعتقاد السائد لدى معظم من يصل إلى كرسي المسؤولية أو الوزارة هو أنه بلغ الكمال في كل شيء فمن دونه لا يفقه شيئا وأنه فقط من يستطيع التفكير وحل المشكلات وإيجاد الأفكار، في حين قد يكون وصوله لكرسي المسؤولية زحفا أو تسلقا أو عن طريق حبال الواسطة التي دمرت كل شيء.
ولـــو تــأمل الإنسان حوله لوجد أن المشاريع العملاقة ما هي إلا مقترحات وأفكار على الورق تمت ترجمتها لتصبح حقيقة وواقعا ملموسا.
ومن تلك المشاريع العملاقة في الكويت «الأمانة العامة للأوقاف» والتي تم رفضها من أكثر من وزير حتى تبناها الوزير الأسبق لوزارة الأوقاف جمعان العازمي وها هي الآن تصنع الحضارات ويشار اليها بالبنان ومحط أنظار الدول الإسلامية.
ان كبر مشكلة تواجه اقتراحات الموظفين هي الخوف من الجديد والتردد في التغيير، والإنسان بطبعه عدو لما يجهل، ولكن القيادة ليست في الإدارة فقط وإنما في تحفيز الموظفين والاستفادة من مقترحاتهم.
فلو طبق كل وزير أو مسؤول يدير منشأة عدد عمالها 1000 موظف برنامج اقتراح شهريا واعلن عن جائزة مالية نقدية لا تقل عن 250 دينارا للاقتراح الفائز وكانت نسبة المشاركين 25% لحصلت المنشأة على عدد 250 اقتراحا شهريا، فإذا كان عدد الاقتراحات الفائزة 3% فإن عدد الاقتراحات التي ستستفيد منها الوزارة أو المنشأة خلال السنة الواحدة 36 اقتراحا بتكلفة 9 آلاف دينار فقط سنويا وهو مبلغ لا يكاد يذكر مقابل النفع العائد منه.
آخر رمسة:
لما علم الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) بنية العدو في غزو المدينة (الخندق)، وأمام هذا الخطر القادم والإمكانيات المتواضعة وحفاظا على أرواح وسلامة الناس، استشار أصحابه وقادته في الحرب وهذه الاستشارة هي من قبيل تحفيز العقول نحو تقديم أفضل الاقتراحات وانجعها، فأشار عليه سلمان الفارسي ( رضي الله عنه ) بحفر خندق في مشارف المدينة وهي فكرة جديدة لم يعتد عليها عرب الجزيرة، فاستحسن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والصحابة رايه، وعملوا به.
فهل نرى في وزاراتنا وشركاتنا ومؤسساتنا الحكومية صناديق اقتراحات الموظفين؟ مجرد سؤال .